بعد 730 يوماً من غياب أهلها عنها، تنتظر الخوبة يوم فرحها الكبير منتصف شعبان الجاري، بعد صدور توجيه أمير منطقة جازان الأمير محمد بن ناصر، بعودة النازحين من سكان محافظة الحرث (الخوبة) إلى ديارهم بعد استكمال إجراءات حصر الأضرار، والاستعداد لصرف التعويضات للمتضررين.

الخوبة اليوم عاد إليها الرجال ليرمموا منازلهم، وليقوموا بأعمال الصيانة، ليسكنوها قبل شهر رمضان، بعد أن قضوا عامين بعيداً عن مساكنهم، ثم تلحق بهم النساء ليطلقن الزغاريد، في كل منزل من قرى الخوبة فرحاً بعودتهن إلى منازلهن.

122 قرية تعود إليها الحياة

122 قرية تنفض الغبار من منازلها وتتجهز لتشعل مصابيحها من جديد، بعد عامين خيم الظلام بها، طهرها جنود القوات المسلحة وأصبحت آمنة.

وبات فلاحو الخوبة يحملون أدوات حرثهم، ليعيدوا استصلاح أراضيهم بعد أن فارقوها 24 هراً، لم تداعب أناملهم تراب أراضيهم، عادوا إليه بشوق وحنين ليزرعوا عذوق الكاذي، وأغصان الريحان، ويقطفوا زهور الفل، بالإضافة إلى سنابل الدخن، والسمسم، وحب الذرة.

المواطن محمد عبدالله مجرشي من قرية الكربوس يقول كان يوم الأربعاء قبل الماضي يوم فرح لنا بعد أن سمح أمير جازان لأرباب الأسر بالعودة إلى قراهم في محافظة الحرث للقيام بأعمال الصيانة، والترميم لمنازلهم تمهيداً لعودة الأسر في منتصف الشهر الجاري، مبيناً أن منازلهم تحتاج إلى عملية ترميم كبيرة، خاصة وأن البعض منها يحتاج إلى إعادة تمديد خطوط الكهرباء وكذلك أنابيب المياه بعد تعرضها للتلف وذلك للفترة الزمنية التي لم تستخدم فيها.

يحيى فتح الدين سيد الذي تجاوز الستين من عمره من قرية أم القضب، توجه لمزارعه قبل أن يذهب لمنزله، يقول "كنت أرى أرضي التي ولدت فيها وتربيت بها وأوليتها كل اهتمامي في منامي كل ليلة، فتلك الأرض عبارة عن حقول أزرع بها جميع أصناف الذرة، والنباتات العطرية، وأسقيها من ماء بئري الذي جريت لأقف عليها وأرى حالها"، ويضيف "اليوم سوف أنزف مياه بئري بدلوي وأسقي بها زرعي وأعيد المواشي إلى الحظيرة، فقد تألمت كثيراً لفراق أرضي، كما أنني سجدت لله شكراً أن عدت إلى قريتي ومنزلي، فكم صديق لنا خرج من منزله معنا ولم يعد معنا لقد رحل قبل أن يعود إلى منزله".

المواطن أحمد محمد عبدالله من قرية المقطابة يقول "عشنا فترة النزوح التي تجاوزت العشرين شهراً بعيداً عن منازلنا وأراضينا، ورغم ما وفرته لنا الدولة من سكن وإعانات، إلا أنه لا يوجد أفضل من سكن الإنسان الحقيقي، ومن أرضه التي ولد ونشأ وترعرع بها، تلك الأيام كنا نعرف بأننا عائدين إليها، ولكن لم نكن نعرف الوقت، ويوم الأربعاء قبل الماضي كان هو يوم عودتنا لأجل إصلاح وترميم منازلنا والاستعداد لجلب أسرنا إلى منازلنا".

أحمد مجرشي أكد بأن نساء الحرث بدأن في التجهيز وشراء حوائجهن، والكبيرات أخذن في شراء الأدوات الفخارية متجهزين للعودة ولصيام شهر رمضان في منازلهن، وأضاف مجرشي هناك الكثير من الشركات والمؤسسات وخاصة في مجال الكهرباء والأثاث بدأت تقدم عروضها للنازحين، لتأمين كل ما يريده السكان من أثاث وأجهزة كهربائية.

تحذير من المخالفين

من جانبه أوضح محافظ الحرث محمد الشمراني بأن توجيه أمير منطقة جازان الأمير محمد بن ناصر بالسماح لأرباب الأسر للعودة إلى منازلهم أسعد النازحين، وقال "تلقيت التوجيه من وكيل إمارة منطقة جازان الدكتور عبد الله السويد يوم الأربعاء وتم الاتصال بمشايخ القبائل، وإبلاغهم بتوجيه أمير المنطقة بالسماح لأرباب الأسر بالعودة إلى منازلهم، وكذلك إبلاغهم بعدم تشغيل العمالة المخالفة، أو إيوائهم أو التعاطف معهم، وأن يحافظوا على أمن قراهم، ويبلغوا عن أي أمر يستنكرونه"، وأضاف الشمراني بأنه تم إبلاغ مشايخ القبائل بتوجيه أفراد قبائلهم بضرورة إبلاغ الجهات المسؤولة عند العثور على أي من مخلفات الحرب في منازلهم أو في مزارعهم، وتابع "وتم التأكيد على الجهات الأمنية والخدمية التعاون مع المواطنين، وتقديم جميع الخدمات لهم، وإيجاد فرق للطوارئ في جميع المرافق للتعامل مع أي طارئ أو أي شيء يحتاجه المواطن خارج أوقات الدوام الرسمي". وأكد الشمراني أن توجيهات أمير جازان في تلبية جميع احتياجات المواطنين، وتوفير كل سبل الراحة لهم، مبيناً أن وكيل إمارة جازان قد زار المحافظة الأسبوع الماضي ووقف على جميع الترتيبات فيها واحتياجاتها، وناقش مع مسؤولي الإدارات الحكومية بالمنطقة مشروعات المحافظة في الفترة المقبلة ودعمها.

الخوبة وتاريخ الشهداء

يفوح من أراضي الخوبة عطر دماء شهداء الواجب، وكانت أول قطـرة سالـت في سبيل الله ثـم الدفـاع عـن الوطن دم الشهيد تركي القحطاني من منسوبي حرس الحدود في منتصف ذي القعدة عام 1430 عند دخـول المتسللين المسلحين إلى أراضـي المملكة.

وفي مواجهات التطهير التي قادتها القوات السعودية استشهد عدد من أفراد القوات المسلحة، كتبت أسماؤهم على قمم جبال الرميح ودخان والدود ؛ تخليدا لذكراهم العطرة والمشرفة.

فرق للإصحاح البيئي

إلى ذلك، وجه أمين منطقة جازان المهندس عبدالله القرني بلدية الخوبة بتكثيف عمليات الإصحاح البيئي، والمراقبة المستمرة، والمتابعة، وتنفيذ المشروعات، وتهيئة الطرقات الداخلية، وردم المستنقعات، وتجمعات المياه، وتكثيف فرق الرش في الأودية خاصة في الفترة المقبلة.

فيما بين مدير مركز نواقل الأمراض بالحرث محمد الشرواني أن هناك حملة تطهير للمنازل لاسيما وأن المنطقة تمر بظروف بيئية صعبة؛ فهناك مخلفات الأشجار الكثيفة والثعابين والبعوض والحشرات والزواحف ستقوم الفرق برشها وتطهيرها منها، ورش البرك والمستنقعات وإزالة تلك المستنقعات ومياهها الراكدة، مؤكداً أن لديه 7 فرق رش تعمل على مجموعتين حيث يتواصل العمل على مدار 24 ساعة.