إن عبارة "إما أَوْ" التي تحدث لنا بأشكال مختلفة هي التي أصبحت بالفعل تُحدث فارقا، في كل ما نتعاطاه، أو نعيشه، ببساطة لأنها تتحول إلى حروب دفاعية، ومشروعة ومجانية الخاسر فيها "نحن" "الإنسان".

في الوقت الذي نجد أننا بكل تفاصيلنا نتحرك في ظلّ عالم الانفتاح الثقافي بكل أشكاله ومنافذه في تبادل كل المستجدّات والآراء والأبحاث الفكريّة والعلميّة، بل يتعدّاه عمقاً ليصل إلى التعرّف إلى فكر الآخر من مصادره. ومن يحجب الشمس بغربال..؟ ومن يدعي صد جريان النهر في تياره المتدفق؟ ومن يقف في طريق "سارق النار" أن أراد قبسا من نور.

كيف يخطر للبعض أن يحجب الأفكار؟

وكيف نتقبل هذا الحجب والأفكار هي وعينا وهي التي تمثل قدرة الإنسان على توجيه كيانه، ووجوده ومصيره؟

إن قدرة الإنسان المتعاظمة اليوم في كل مجال ما هي إلا حصيلة بناءٍ، توليفيّ بين الأفكار والمواقف والخيارات من جيل إلى جيل.

الأمر ليس "هوجة، أو هوشة" تنحل وتنتهي بمجرد غضبة، أو بمجرد منع كتاب، أو منع ناشر. الأمر أكبر من ذلك، هي دائرة تتسع لتضيق على وعينا.

كيف بات هذا الفعل "دهشة"؟

وكيف انتهى بنا الأمر أن يصبح "الكتاب" ضمن قائمة أجندة الحروب النفسية والإقصائية؟

لماذا يُدفع بنا إلى أن نكون أبناء شرعيين لفكر محدد ووعي مرسوم بالقلم والمسطرة ليكون شبيها بنا نحن بالذات من بين كل البشر؟

المتاريس التي تضيق علينا وتجعل منا سجناء الحاضر ستدفع بنا لأن نهرب للمستقبل وعبر كل النوافذ المتاحة المسموحة والممنوعة إلى حيث تأخذنا أرجلنا وتطاله أيدينا.

قصتنا مع الكتاب، ومعارض الكتاب، التقنين، التوجيه، الأحادية أصبحت قصة يصعب علينا أن نسردها لأطفالنا قبل النوم، لأنها لن تروق لهم وستخيفهم كثيرا لأنهم يحلمون بعالم أوسع بكثير مما مررنا به نحن.

ماذا لو توقفنا عن الرفض؟ ومارسنا التقبل، والفضول المعرفي؟

ماذا لو شرعنا الآن في التعرف إلى معارف جديدة وأفق مختلف؟

ألا يمكننا أن نبدأ من جديد؟