يقول فضيلة الشيخ عوض بن محمد القرني، في لقائه الممتع الجريء مع صحيفة (سبق) وهي تسأله: ما الهدف الذي فشلت في تحقيقه؟: "مضى عليّ زمن أرى أن اضطرار الرجل للطلاق هو ضعف وفشل وعدم قدرة على الاحتواء، وما زال هذا الأمر عندي حتى ابتليت وطلقت قبل فترة، فآلمني ذلك ألماً شديداً، لأنني كنت أعتقد أنه ضعف في الرجل، وتذوق الفشل أحياناً يجعل للنجاح قيمة أعلى".. انتهى. ومن اللافت أن فضيلة الشيخ القرني، كشخصية ذات حضور عام لم يستعرض هذه القصة الشخصية إلا كي تكون درساً وفائدة للآلاف على المسرح العام من هذه الحياة، ولكم أن تدركوا أن قراء هذا السطر من تجربته المؤلمة قد وصلوا إلى أكثر من (137) ألف قارئ، بحسب عداد الصحيفة الإلكتروني حتى اللحظة. وقصة فضيلة الشيخ مع الهدف الذي قال إنه لم يحافظ عليه هي ذات التجربة التي عاشها من قبله العظماء والعلماء وقادة الرأي والمشاهير، مثلما عاشها ملايين البسطاء والأميين من كل الأزمنة والأمم.
الدرس الذي يود أن يقوله أنه لا يوجد في حياة الأفراد تجربة إنسانية مكتملة. إن هناك مساحة كبرى في حياة الإنسان، ولا خيار فيها له مهما كانت مؤهلاته وأدواته، بل هي قضاء مكتوب وقدر حتمي. هناك أشياء من محطات الفرد مع الحياة، هي بيد الله عز وجل، وما حيلة الإنسان معها إلا مثل حيلته مع الخوارق الكبرى التي لا يستطيع أن يفعل تجاهها شيئا مهما ظن أن لديه الحلول، ولهذا فإن الدرس الأكبر من ثلاثة أسطر في تجربة الدكتور عوض القرني هو سقف قصة الإنسان مع الأهداف ومع النجاح والفشل. والأكبر من ذلك أن بيننا اليوم، من الملايين، الذين انكسروا وأضاعوا غيرهم مع أول منعطف للهدف المرسوم حين فشلوا فيه. ومثل هؤلاء قد لا يدركون أن الفشل الذريع في هدف ما هو اللقاح والدواء في الوصول لقمة النجاح الذي يليه. وحياة بلا تجربة للفشل هي حياة بلا لذة وقيمة للنجاح، مثلما قالها في السطر الأخير، والذين لا يذوقون مرارة الفشل ربما عاشوا الحياة برمتها بلا أهداف. وأكثر من هذا ألا يركن الإنسان إلى الأدوات والقدرات على احتواء القصص الكبرى في حياة الإنسان، فهناك أشياء تفوق الاعتداد وتتماهى معها الثقة الفردية، وكم كنت سعيداً بسؤال الصحيفة رغم ألم الجواب، ذلك أنه يطرح أمام كل فرد بيننا ذات السؤال الأليم: ما الذي فشلت في تحقيقه؟