حنان درويش عابد

ما الذي تعنيه ريادة الأعمال في عصر مواقع التواصل الاجتماعي؟، هل تخيّلت يوماً أن تمارس أعمالك في مكتب تقليدي، تحيط بك الأوراق، والملفات رمادية اللون، والآلات الكاتبة ذات الصوت المزعج، والهاتف الأرضي ذو الجرس المتميّز، وكل ما يمكن مشاهدته في مكتب تجاري في فيلم سينمائي يحاكي واقع حياة الستينيات أو الثمانينيات؟ لاشك بأن ريادة الأعمال في عصر الرقمنة وتنامي دور مواقع التواصل الاجتماعي لا تشبه مطلقاً تلك التي مارسها روّاد الأعمال في عصر ما قبل التكنولوجيا الذكية.

ولعل ريادة الأعمال لم تكن لتنمو وتتطور لتصل إلى حجم لم يسبق له مثيل في التاريخ دون مساعدة أدوات ووسائل التكنولوجيا الذكية وعلى رأسها مواقع التواصل الاجتماعي والتي قدّمت لروّاد الأعمال منصّات ذات مردود كبير على صعيد حجم التأثير المباشر في العملاء سواء الحاليين أو المستقبليين.

ولأن مواقع التواصل الاجتماعي لم توحّد العالم على صعيد الثقافة، والتبادل الحضاري، والتقارب مع الآخر فقط، فقد ساهمت أيضاً وبشكل واسع في تعزيز قاعدة المشاركة التجارية بين الأفراد إلى الحد الذي جعل العالم وللمرة الأولى في التاريخ بمثابة منصة تجارية واحدة، وإلى حد رفع حجم التبادل التجاري بين الأفراد والمؤسسات إلى مليارات الدولارات كل عام، ما ساعد على فتح آفاق جديدة للباحثين عن فرص لتنمية مواردهم المالية ليصبح عدد منهم وفي زمن قياسي مقارنة بعصر ما قبل الرقمنة أصحاب أعمال رائدة وناجحة في كافة القطاعات.

وبعملية بحث بسيطة وسريعة، يمكن أن نكتشف أن أعلى معدلات التبادل التجاري والدعاية والإعلان عن المنتجات والخدمات هي تلك التي تتم على نطاق واسع على منصات مثل فيسبوك، ويوتيوب، ولينكدإن، وتويتر، مع الأخذ بعين الاعتبار المنصات الناشئة أو الحديثة نسبياً والتي لا تزال تعمل جاهدة لمنافسة الخمسة الكبار مثل منصة نون للتجارة الإلكترونية، والتي تم إطلاقها في أكتوبر 2017، عبر شراكة سعودية - إماراتية، إضافة إلى عدد من المنصات الصغيرة المتناثرة هنا وهناك في الفضاء الإلكتروني والتي تمثل حالة من التفاعل الإيجابي بين الباحثين عن موطئ قدم في سوق التجارة محلياً وعالمياً، وتكنولوجيا جديدة جعلت المحال ممكناً وقريباً على بعد نقرة واحدة.

وهكذا، إن كنت من الباحثين عن مكان تحت شمس عالم التجارة الإلكترونية، فما عليك سوى أن تحدد نوع العمل الذي تخطط لإطلاقه إلكترونياً، ومن ثم عليك أن تقوم بتصميم منصة تجارية سهلة الاستخدام، وأن تقدم من خلال منصتك خدمة أو منتجاً متميزاً لا يشبه كثيراً الخدمات أو المنتجات المتوفرة على شبكة الإنترنت. ومن جهةٍ أخرى، عليك أن تحترف مبادئ وأسس التسويق الإلكتروني، وحتى إن لم تكن أنت الذي سيقوم بالتسويق، إلا أنه من المهم أن تكون محيطاً بجميع تفاصيل التسويق إلكترونياً، لتتمكن من تحديد نوع التسويق المناسب لنشاطك، ومن ثم لتتمكن من الإشراف على التنفيذ.

ولا يمكن أن تستفيد من التأثير الإيجابي لمواقع التواصل الاجتماعي لتطوير أعمالك، من دون استيعاب وفهم أهمية الدور الذي يلعبه المحتوى الذي ستقوم بنشره حول خدماتك أو منتجاتك على تلك المواقع، فعليك أن تدرك حجم التأثير البالغ للكلمة وللعبارة، وعليك أن تستغل مهاراتك الاتصالية لإرسال رسائل ترويجية تلائم ليس فقط طبيعة خدماتك أو منتجاتك، وإنما على تلك الرسائل أيضاً أن تمثل عنصر جذب ترويجي فعّال على صعيد النصوص والتصاميم المستخدمة في أدوات رسائلك الترويجية وحملاتك الدعائية.

وختاماً، عليك أن تنتبه إلى القيمة الكبيرة للتواصل المباشر مع صانعي القرار، وقد تقدم لك منصة لينكدإن المكان الأمثل للوصول إلى أصحاب القرار بسهولة ويسر. أما الوصول إلى شريحة واسعة من العملاء فهو أمر لا يمكن الحديث عنه دون الحديث عن منصة فيسبوك وما تقدمه الإعلانات المدفوعة على تلك المنصة من إمكانات جديّة للوصول إلى عشرات أو مئات الآلاف وربما عدد أكبر من المتابعين الذين قد يصبحون عملاء لخدماتك أو منتجاتك ذات يوم.