مطلق دخيل الأكلبي

العمل الذي يخدم المصلحة العامة في مرافقها المختلفة ويلبي احتياجات مواطن الضعف في المجتمع، يعد مصدر تنافس حضاري بين المجتمعات، ودون مغالاة، فما من مجتمع إلا وتجد هناك من يتطوع لمساعدة الفقراء وإغاثة المحتاجين وحماية البيئة ونشر التوعية بالصحة العامة والحث على القيم الأخلاقية.

ومجتمعنا بحاجة إلى رفع مستوى التفاعل مع النشاط الخيري وما ذكرنا من أعمال تعالج مشكلات المجتمع.

ومما نلاحظه أثناء عملنا في القطاع غير الربحي، نجد هناك شكوى واضحة من الجهات الخيرية نحو ضعف تفاعل الناس مع العمل الخيري التطوعي في مجتمعنا، قياساً بالمجتمعات الغربية التي نصنفها بأنها مجتمعات مادية.

لو قارنا بين الأعمال الصالحة- حسب مفهوم البعض- والعمل التطوعي لوجدنا إقبال الناس في مجتمعنا على الأعمال الخيرية مثل بناء المساجد وحفر آبار المياه ونحوها، أكثر من إقبالهم على الأعمال التنموية والإنسانية وهو أمر واضح، فتجد الفرق شاسعا. ففي كلّ محافظة أو قرية عدد كبير من المساجد، في مقابل ذلك هناك عدد ضئيل من الجمعيات الخيرية، وهذا يعود إلى مفهوم ما هو العمل الصالح الذي يعد قربة يتقرب بها العبد إلى الله.

كما أن تشخيص حاجة المجتمع، له دور كبير في توجيه الأوقاف والأعمال الخيرية، وما نراه اليوم من توفر المساجد في المحافظات والقرى التي تدور بها حركة التنمية ببطء وقلة المؤسسات الخيرية الإنسانية، يجعلنا نؤكد على توجيه الأنظار إلى الحاجات الملحة في المجتمع، نحو رفع مستوى الوعي بضرورة الأعمال التطوعية التنموية، لأن عدم ترتيب الأولويات يجلي لنا إشكالية ثقافة الناس وفهمهم لماهية الأعمال الصالحة! ولا أبالغ إن قلت بأن الأولويات غير واضحة عند البعض، خصوصاً رجال الأعمال وغيرهم، ولك أن تجرب دعوة الناس إلى بناء مسجد ستجد التفاعل كبيرا، فالكل يريد أن يساهم معك لكنك لو دعوتهم إلى برنامج تنموي لتدريب الأسر المنتجة، أو تدريب الشباب لدخولهم إلى سوق العمل، أو تنظيم حملة توعوية للتثقيف الصحي، أو حملة اجتماعية عن التفكك الأسري، أو إدمان المخدرات أو التدخين أو غيرها، ستجد التفاعل أقل.

وبالتأكيد، فإنني لا أقلل من الاهتمام ببناء المساجد، ولكن أريد أن أرفع من الاهتمام بالجانب الإنساني والتنموي، فهو لا يقل أهمية، وقد يكون في بعض الأحيان ببعض المحافظات والقرى أكثر ضرورة وأهمية.