صالح العبد الرحمن التويجري

تعقيبا على ما نشرته الوطن بتاريخ الاثنين 12جمادى الثاني 1442هـ 25 يناير 2021 تحت عنوان «منع الاحتطاب هل من إعادة نظر» بقلم نايف جابر البرقاني، تحدث فيه عن الاحتطاب سواء للبيع أو للحاجة المنزلية، وقال: إن من امتهنوا التحطيب فتلك حالهم ومصدر رزقهم، لا يعرفون غير هذه المهنة رغم مشقتها، لكنهم راضون بما قسم الله لهم، فهل استشعرنا معاناتهم، ونظرنا في وضعهم بعين العدل والإنصاف ووقفنا معهم، فالإنسان أغلى ما على هذا الكون، وكل شيء مسخر له، لذلك لا يجب أن نحجّر واسعًا، وأن نجعل الأنظمة والقوانين ميزان عدل وخير، وليست معول هدم وضياع لمصالح الناس، فهل من إعادة نظر في قرار منع الاحتطاب؟ وكلنا في خدمة الوطن --- الخ .

حقيقة أن ما تحدث عنه الأخ نايف هو عين الصواب، إذ إننا نسمع ونقرأ بين آونة وأخرى، عن القبض على حطابين وبحوزتهم أطنان من الحطب، وهذه لا شك مجهزة للبيع، خاصة في أيام الشتاء، من أجل التدفئة أو للاستغناء بها عن عبوات الغاز، ونقلها خاصة في البراري. ومن المعلوم أنه منذ أن خلق الله الأرض، وساكنوها من البشر يستخدمون الحطب للطبخ والشوي، وها هي الأرض كما هي لم تتغير بموت شجرة أو ألف، تُقتلع شجرة وتنبت بدلا منها وهكذا.

وإلى اليوم تجد الصحراء كما هي وكأن لم ينقص من أشجارها شىء، وكلمة تصحر أو تصحرت البراري ليست حجة لمنع الاحتطاب، حتى ولو كان الحطب من مناطق قليل من يصلها، والتشديد على منع الحطابين من الاحتطاب فيه مضايقة لهم، لأن منعهم من الاحتطاب قطع لأرزاقهم، فمن أين يأكلون ويُعيشون أسرهم، فتلك هي مهنتهم، وغير هؤلاء، بعض السكان يحتطب من أجل التدفئة في بيته، لا ليبيع، ولو وقع بيد حراسة البيئة لطبق عليه النظام.

هنا أرى وكما رأى أخي نايف ضرورة التخفيف من هذا الأمر، وترك المحتطب يبحث عن رزقه، ولكن يؤخذ عليهم تعهدات بألا يقتلعوا الأشجار من جذورها، بل يقطعونها من فوق الأرض بارتفاع ما لا يقل عن 30-50سم، لتتمكن من النمو مرة أخرى وهكذا، فلا نحرم مسترزقا ولا صاحب الحاجة ليسد حاجته، ولا نقضي على حياة شجرة.

ويكتفى بمنع الاحتطاب من مناطق مخصصة، كالقريبة من المدن التي قد يلجأ إليها الإنسان.

قال الله سبحانه «أفرأيتم النار التي تورون أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون» . والحديث يقول «حديث عائشة -رضى الله عنها- قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول في بيتي هذا: اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به» رواه مسلم.

لذا أدعو مسئولي البيئة والزراعة للرفق، فلا تشدوا ولا تتراخوا، بل خذوا شعرة معاوية رضي الله عنه مثالا لهذا الوضع حينما قال: لو أن بيني وبين الناس شعرة لا أقطعها، كانوا إذا مدوها أرخيتها وإذا أرخوها مددتها.