ثامر الحجامي

في أي نظام ديمقراطي تجري فيه انتخابات نزيهة وشفافة، تكون الأحزاب والكتل الفائزة تعبر عن خيارات الناخبين، لإيمانهم بالبرنامج الانتخابي الذي قدم من تلك الكتل، ورغبتهم في تحقيقه على أرض الواقع، تلبية لتطلعاتهم ورغباتهم، والتي تتغير تبعا للظروف الراهنة، التي يعانيها كل بلد، لذلك نرى التداول للسلطة بين الأحزاب المشاركة، ومن كان حاكما في فترة، سنراه معارضا في أخرى. ولأن العملية الديمقراطية في العراق، لم تقم على نظام الحزب الواحد، وإنما مجموعة أحزاب وكتل متعددة، تمثل الأطياف المختلفة للشعب العراقي، فإنه بعد كل انتخابات تجري مباحثات بين الكتل الفائزة، حول تقريب وجهات النظر، و الاتفاق على البرنامج السياسي والخطوط العامة للمرحلة المقبلة، وبعد تشكيل الحكومة يتم تقديم البرنامج الحكومي، الذي تعهدت به الكتل الفائزة لناخبيها..

وهذا هو أصل العقد بين الفائزين وبين الناخبين. لكن لو سألنا أي ناخب، عن البرنامج السياسي أو الحكومي، الذي انتخب كتلة أو مرشحا ما على أساسه؟ عدد بسيط سيجيب عن هذا السؤال، ولكن الغالبية سينتظر قليلا، ثم يخترع أجوبة من نفسه، وربما أغلب الذين طرحوا برنامجا انتخابيا، لم يحققوا الفوز، بل حتى لم يتم انتخابهم، إنما كانت هناك أساليب أخرى للصراع الانتخابي في العراق، ومؤثرات لا علاقة لها بالوضع السياسي، وما يريده الناخب من الأحزاب والكتل المشاركة في الانتخابات، أو التي فازت وتسعى لتشكيل الحكومة.

لذلك.. فإن المباحثات التي تجري بين الكتل الآن، لا علاقة لها بالشكل السياسي للمرحلة القادمة، أو البرنامج الحكومي الذي يريده الناخبون، إنما هو تقاسم للسلطة وصراع على المغانم، فنرى الوفود تخرج من هذا الباب، وتدخل إلى الباب الآخر، ومن كان مع تحالف سياسي في الأسبوع الماضي فإنه اليوم مع تحالف آخر، ولا عهد ولا ميثاق بين الأطراف السياسية، حتى يضرب الرئيس الأكبر سنا بمطرقته معلنا الجلسة الأولى.

عندها يتبين من كان ذكيا في الحصول على أكثر المكاسب، ومن كان لينا في التنازل عنها، أما الوعود والبرامج الانتخابية فمؤجلة إلى إشعار آخر، ما دام لا أحد يسأل عنها.