يجب أن أعترف في البداية أني لست على اطلاع كامل ومعرفة دقيقة بالأنظمة والإجراءات التي تنتهجها الوزارات والمؤسسات الحكومية المعنية بالشأن العسكري والأمني في الجوانب المتعلقة بتقاعد عامليها من عسكريين ومدنيين، وخصوصا الأنظمة المعنية بتكريم من خدم الوطن بأمانة واقتدار بشكل يليق بخدمته، بحيث يسهل عليه ذلك فيما ما بعد حياته في تلك المرحلة التي يكون فيها قد تقدم في السن ووصل إلى مرحلة يحق له فيها أن يرتاح وأن يفسح المجال للأجيال القادمة لخدمة الوطن ونيل شرف التضحية.

أقول هذا وأنا لا أملك الإجابة الشافية حول حقيقة ما تقوم به تلك القطاعات العسكرية لرد الجميل لهؤلاء الذين يمكن تسميتهم بـ(قدامى المحاربين)، ولكني أملك تساؤلات وتمنيات ترى أن تكريم من ضحى بحياته خدمة للوطن أمر رائع، ولكن تكريم الأحياء ممن قدموا في شبابهم أرواحهم فداء للوطن أيضا هو أمر ينم عن اعتراف بالجميل في زمن قد يعتقد ذلك المحارب أن الوطن قد نسيه أو تجاهله.

أتساءل كذلك حول ما إذا كان من العدل أن يتم التعاطي مع عسكري لم يواجه في يوم خطر الموت بذلك الذي قد يكون قد أنقذ أرواحا أو دافع عن أعراض أو حمى بصدره أرض الوطن، وحرر أرض الأخ إما في حرب تحرير الكويت أو في مواجهة الجماعات الإرهابية المتطرفة التي قتلت القريب والبعيد دون تمييز منذ أحداث الحرم أو تلك المواجهات اليومية التي تدور ودون توقف لمحاربة تجار ومهربي المخدرات والخمور والسلاح على حدود مملكتنا مترامية الأطراف.

لا شك في أن الدولة كانت دائما حريصة على أن تضمن حياة كريمة لكل مواطن مهما كانت خلفياته الشخصية وأهميته الوظيفية، كما أنها لم تبخل في أن تكرم هؤلاء الذين خدموا الوطن والمواطن بأغلى ما يملكون وضحوا بأرواحهم في سبيل أن يكون الوطن حرا كريما، ولذلك فإن تكريم قدامى المحاربين ممن ثبتت مشاركتهم في عمليات عسكرية وأمنية وتعرضوا لخطر الموت وقد يكونون دفعوا من صحتهم ونفسيتهم الشيء الكثير أن يميزوا وأن يكرموا أحياء ويعاملوا بشكل يختلف عن بقية أقرانهم من العسكريين، لكي يصبح السعي إلى التضحية من أجل الوطن شرفا لا يناله بالضرورة إلا الشجعان، وأن يلقوا في حياتهم ما لقيه زملاؤهم من شهداء الواجب في مماتهم من شرف واعتراف وامتنان، فبجنودنا نحمي الوطن ولمحاربينا البواسل واجب التكريم.