ولأن الدجاجة -هذا الكائن البسيط- عاشت قديما في البيئة اليومية للإنسان، ورسمت بحضورها المسالم الحياة الريفية الهانئة، فإنها ارتبطت مع الإنسان بعلاقات اجتماعية أقرب لعلاقة الحب الأبدي. نعم فالدجاجة محبوبة العائلة، وقد شاركتها عبر العصور الأفراح والليالي الملاح. فهناك ميثاق غير معلن بين الإنسان والدجاجة عنوانه: «تعاهدنا على ألا يفرقنا إلا الموت».
وكأي علاقة حب صادق، فحبنا القديم للدجاجة يتسم بالإيثار ويتوق إلى حماية المحبوب من الأعداء وتقديم، خدمات الإطعام والإيواء والحراسة اليقظة، فنحن في خدمتها ورهن إشارتها. الدجاجة تحظى بمساحة معتبرة من المنزل وتطوف في أرجائه بحرية تامة دون أن تشعر بأنها دخيلة على المكان وأهله. تلك الحقبة الذهبية كانت فردوسا مفقودا للدجاجة قبل ولوج الإنسان عالم الصناعة والثورة التقنية وعيشه وسط المدن المكتظة بالسكان، واعتناقه ثقافة الأسواق الاستهلاكية، بعدها انقلب حال الدجاجة رأسا على عقب، وبدأت مرحلة حرجة في تاريخها، أدخلتها المصانع التي عرضتها لأكبر إبادة جماعية في التاريخ.
المصنع وثقافة الاستهلاك التي يبشر بها، نجح في تحويل تجربة الحب مع الدجاجة إلى ما يشبه العلاقة مع أي سلعة استهلاكية أخرى. الإنسان الحديث ينزع نحو الفردانية، أي يكون إنسانا بلا روابط، مدفوعا بثقافة استهلاكية نجحت في قطع العلاقات المتينة التي يستعصي قطعها مع الدجاجة، بوصفها فرد كريم يعيش حياة كريمة ويحتل مكانة عزيزة في قلوبنا قبل بيوتنا. فعلاقتنا اليوم مع الدجاجة تجسد صورة من أكثر صور الاضطراب الاجتماعي وأشدها إزعاجا، نحن لم نعد نحتمل وجودها في منازلنا العصرية التي لم تعد تستقبل الدجاجة أو ترحب بها، صرنا نبخل على الدجاجة ولو بمساحة بسيطة من منازلنا الواسعة، المدن الحديثة صممت للإنسان ومن أجل رفاهية الإنسان وحده، ويضيق صدرها من وجود كائن لطيف كالدجاجة يشاركنا خيرات المدينة.
علاقتنا مع الدجاجة تجسد حرفيا معنى اللقاء العابر الخالي من أي التزام ولا يستهدف سوى الإشباع السريع دون تكوين روابط ولا آثار جانبية، علاقة سريعة للغاية لا يترتب عليها أي التزام أو عهود طويلة المدى، فلسنا ملزمين بتوفير المسكن والمأكل ولا توفير الحماية، فالمصنع الحديث قادر على تربية ملايين الدجاجات وقتلها جماعيا في عملية أشبه بالتطهير العرقي. فالدجاجة تأتينا عبر تطبيق الطلبات ويحضرها لنا مندوب التوصيل جاهزة ومقطعة على هيئة برجر دجاج أو بروستد دجاج أو مسحب دجاج، عادي أو حراق، ثم الأكل السريع والتخلص السريع من البقايا، في تجسيد حقيقي لمعنى الاستهلاك اللحظي والتخلص الفوري من النفايات. علاقتنا مع الدجاجة تتصف بعدم وجود أي روابط، وهذا امتداد للهشاشة المزعجة في الججعلاقات الاجتماعية والوجود البشري القلق في العصر الحديث.
تكوين العلاقات الاجتماعية مع الدجاجة لم يعد محتملا أو مرغوبا، إنها غير منسجمة مع نمط الحياة الاستهلاكي القائم على الفردانية، حتى علاقتنا مع البشر صارت سريعة وبلا التزامات طويلة المدى، فالعلاقات الاجتماعية أصبحت معقدة وسامة وقاتلة للروح والجسد، وأحد مؤشرات علاقتنا المضطربة وأن البشر أصبحوا لا يطيقون بعضهم البعض هو تنامي سوق الخبراء والمستشارين في العلاقات الأسرية، الذي يقدمون النصائح والإرشادات للطريقة المثلى لتعامل الزوج مع زوجته والأب مع أطفاله، والموظف مع زملائه في الوظيفة.
الفردانية وشيوع ثقافة الاستهلاك انعكسا على علاقتنا الاجتماعية حتى أصبحنا نفضل علاقة الزواج التي لا يترتب عليها أي التزامات اجتماعية أو آثار جانبية، فعلاقتنا صارت تقوم على قاعدة: الإشباع اللحظي ثم التخلص الفوري من البقايا. فنحن تدريجيا نتحرر من كل علاقتنا الاجتماعية، وأول العلاقات كانت علاقتنا مع الدجاجة بعد أن تخلينا عنها وسلمناها لجحيم المصانع وشركات إنتاج اللحوم، فهي تعيش اليوم في ظروف غير صحية، وتقضي حياتها في أقفاص احتجاز قذرة، قبل أن تقدم لمذبحة جماعية وسط خطوط الإنتاج في المصنع.
الرفقاء القدامى للدجاجة قد فات عصرهم ولكن ما المانع من إعادة أواصر القرابة مع الدجاجة؟ الدجاجة تستحق حياة كريمة تليق بخدماتها الجليلة التي قدمتها للبشر منذ بداية الخليقة حتى يومنا هذا. نعم الدجاجة تستحق حياة أفضل بعد أن شوهت ثقافة السوق الاستهلاكي حياتنا وانعكس ذلك على علاقتنا بالدجاجة المحبوبة، علاقة تتسم بالنفعية والأنانية وبلا أي روابط أو التزامات.
وكأي علاقة حب صادق، فحبنا القديم للدجاجة يتسم بالإيثار ويتوق إلى حماية المحبوب من الأعداء وتقديم، خدمات الإطعام والإيواء والحراسة اليقظة، فنحن في خدمتها ورهن إشارتها. الدجاجة تحظى بمساحة معتبرة من المنزل وتطوف في أرجائه بحرية تامة دون أن تشعر بأنها دخيلة على المكان وأهله. تلك الحقبة الذهبية كانت فردوسا مفقودا للدجاجة قبل ولوج الإنسان عالم الصناعة والثورة التقنية وعيشه وسط المدن المكتظة بالسكان، واعتناقه ثقافة الأسواق الاستهلاكية، بعدها انقلب حال الدجاجة رأسا على عقب، وبدأت مرحلة حرجة في تاريخها، أدخلتها المصانع التي عرضتها لأكبر إبادة جماعية في التاريخ.
المصنع وثقافة الاستهلاك التي يبشر بها، نجح في تحويل تجربة الحب مع الدجاجة إلى ما يشبه العلاقة مع أي سلعة استهلاكية أخرى. الإنسان الحديث ينزع نحو الفردانية، أي يكون إنسانا بلا روابط، مدفوعا بثقافة استهلاكية نجحت في قطع العلاقات المتينة التي يستعصي قطعها مع الدجاجة، بوصفها فرد كريم يعيش حياة كريمة ويحتل مكانة عزيزة في قلوبنا قبل بيوتنا. فعلاقتنا اليوم مع الدجاجة تجسد صورة من أكثر صور الاضطراب الاجتماعي وأشدها إزعاجا، نحن لم نعد نحتمل وجودها في منازلنا العصرية التي لم تعد تستقبل الدجاجة أو ترحب بها، صرنا نبخل على الدجاجة ولو بمساحة بسيطة من منازلنا الواسعة، المدن الحديثة صممت للإنسان ومن أجل رفاهية الإنسان وحده، ويضيق صدرها من وجود كائن لطيف كالدجاجة يشاركنا خيرات المدينة.
علاقتنا مع الدجاجة تجسد حرفيا معنى اللقاء العابر الخالي من أي التزام ولا يستهدف سوى الإشباع السريع دون تكوين روابط ولا آثار جانبية، علاقة سريعة للغاية لا يترتب عليها أي التزام أو عهود طويلة المدى، فلسنا ملزمين بتوفير المسكن والمأكل ولا توفير الحماية، فالمصنع الحديث قادر على تربية ملايين الدجاجات وقتلها جماعيا في عملية أشبه بالتطهير العرقي. فالدجاجة تأتينا عبر تطبيق الطلبات ويحضرها لنا مندوب التوصيل جاهزة ومقطعة على هيئة برجر دجاج أو بروستد دجاج أو مسحب دجاج، عادي أو حراق، ثم الأكل السريع والتخلص السريع من البقايا، في تجسيد حقيقي لمعنى الاستهلاك اللحظي والتخلص الفوري من النفايات. علاقتنا مع الدجاجة تتصف بعدم وجود أي روابط، وهذا امتداد للهشاشة المزعجة في الججعلاقات الاجتماعية والوجود البشري القلق في العصر الحديث.
تكوين العلاقات الاجتماعية مع الدجاجة لم يعد محتملا أو مرغوبا، إنها غير منسجمة مع نمط الحياة الاستهلاكي القائم على الفردانية، حتى علاقتنا مع البشر صارت سريعة وبلا التزامات طويلة المدى، فالعلاقات الاجتماعية أصبحت معقدة وسامة وقاتلة للروح والجسد، وأحد مؤشرات علاقتنا المضطربة وأن البشر أصبحوا لا يطيقون بعضهم البعض هو تنامي سوق الخبراء والمستشارين في العلاقات الأسرية، الذي يقدمون النصائح والإرشادات للطريقة المثلى لتعامل الزوج مع زوجته والأب مع أطفاله، والموظف مع زملائه في الوظيفة.
الفردانية وشيوع ثقافة الاستهلاك انعكسا على علاقتنا الاجتماعية حتى أصبحنا نفضل علاقة الزواج التي لا يترتب عليها أي التزامات اجتماعية أو آثار جانبية، فعلاقتنا صارت تقوم على قاعدة: الإشباع اللحظي ثم التخلص الفوري من البقايا. فنحن تدريجيا نتحرر من كل علاقتنا الاجتماعية، وأول العلاقات كانت علاقتنا مع الدجاجة بعد أن تخلينا عنها وسلمناها لجحيم المصانع وشركات إنتاج اللحوم، فهي تعيش اليوم في ظروف غير صحية، وتقضي حياتها في أقفاص احتجاز قذرة، قبل أن تقدم لمذبحة جماعية وسط خطوط الإنتاج في المصنع.
الرفقاء القدامى للدجاجة قد فات عصرهم ولكن ما المانع من إعادة أواصر القرابة مع الدجاجة؟ الدجاجة تستحق حياة كريمة تليق بخدماتها الجليلة التي قدمتها للبشر منذ بداية الخليقة حتى يومنا هذا. نعم الدجاجة تستحق حياة أفضل بعد أن شوهت ثقافة السوق الاستهلاكي حياتنا وانعكس ذلك على علاقتنا بالدجاجة المحبوبة، علاقة تتسم بالنفعية والأنانية وبلا أي روابط أو التزامات.