عبدالحميد اليحيى

يتحرر الطفل الفلسطيني والمواطن البسيط، ويكون كالطائر الذي يحلق في السماء راقصًا فرحًا مسرورًا بعد أن سمع إعلان الرئيس الفرنسي ماكرون بالاعتراف بدولة فلسطينية خلال الربع الأخير من العام.

ومن ثم توالت البشائر بأن نجح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في أن يجعل دولة وعد بلفور تخرج وتعلن الإعلان ذاته الذي أعلنه الرئيس الفرنسي.

أن تجعل من صنع المشكلة في المنطقة بوجود دولة الاحتلال الإسرائيلي يقوم بالاعتراف بخطئه، حتى ولو كان بطريقة غير مباشرة، لهي عبقرية سياسية فذة ونجاح باهر على جميع الصعد السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية.

ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خلق للفلسطيني إنسانية، فلم يعد إنسانًا مكسور الجناح، مهدور الحقوق، بهذا النجاح الدبلوماسي. ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ليس يسعى فقط، بل أزال القيود التي كانت تكبل كل فلسطيني وفلسطينية، وحوّل حياتهم من حياة قاسية يولد الإنسان فيها ويموت من أجل المقاومة، والصراع، والعنف الممنهج ضدهم، وهي حياة مهلكة للأرواح، مستنزفة لطاقة الإنسان، إلى حياة تستثمر في الإبداع، والتعلم، والأحلام المشروعة للبشر. كسر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان القيود، فخلق نتيجة ذلك الاطمئنان لنفوس كانت تعاني تحت نير الذل والإهانة اليومية التي يعيشونها، إلى هدوء القلب، وصفاء الروح، والقدرة على الحلم كبقية الشعوب الأخرى. لأن الإنسان المقهور يكتفي بالنجاة أو بمحاولة النجاة، ولكن كسر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للأغلال والأصفاد التي كانت تكبل الفلسطيني البسيط سمحت للفلسطيني أن يحلم ويصنع مستقبلًا كان يعده محالًا في يوم من الأيام، إلى أن أصبح شيئًا طبيعيًا وأسلوب حياة.

ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، أنهى عزلة وعداء كان يعيشه كل فلسطيني على الأرض، إلى رحابة الإنسانية، والإخاء، والتكامل، بدلاً مما كان عليه في الماضي من تناحر وشقاء. الاعتراف بدولة فلسطينية من أعظم دولتين داخل قارة أوروبا ليس من قبيل الترف السياسي، بل هذا الاعتراف يلامس الإنسان البسيط، لأنه يخلق معنى لوجود الإنسان. تتحول النظرة من ترقب وخوف واستعداد للمقاومة من ولادة الإنسان إلى موته، إلى عزة، وكرامة، وأنفة، وشموخ خلقها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للفلسطيني البسيط. تحرير ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للمواطن الفلسطيني البسيط ينهي حقبة سوداء من تاريخ البشرية كان فيها المواطن الفلسطيني يولد ويموت حزينًا. فأتت عبقرية الدبلوماسية لولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتحيل هذا الحزن، الذي كأنه قدر على الفلسطيني، إلى أن يكون حرًا كطائر يهيم سعادة بين التلال والمروج، يبتسم بسهولة ويغني لفيروز دون خوف.