جدة: نجلاء الحربي

أصبحت ظاهرة تصوير الحوادث المرورية والمصابين ونشر المقاطع المؤلمة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بحثًا عن المشاهدات والترند من السلوكيات الخطيرة التي تعكس غياب الوازع الديني والضمير الإنساني، وتجسد ما يمكن وصفه بمرض الشهرة. فتصوير المصابين داخل المركبات في حالات إنسانية يُرثى لها، دون إذن منهم أو من ذويهم، يُعد انتهاكًا صريحًا لكرامة الإنسان وخصوصيته، وتجاهلًا لمشاعر أهله الذين قد يُفجعون بمشاهدة تلك المقاطع.

وقد قرر الشرع مبدأ المسؤولية والاحتياط في الأفعال، قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا﴾ [الإسراء: 36]،

وهو نص صريح في أن ما يراه الإنسان ويصوره وينشره ليس مباحًا بلا قيد، بل هو محل مساءلة شرعية وأخلاقية.

وهذا السلوك مُدان شرعًا ومُجرّم نظامًا؛ إذ نص نظام مكافحة جرائم المعلوماتية في المادة الثالثة الفقرة (5) على تجريم التشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم عبر وسائل تقنيات المعلومات، ورتب على ذلك عقوبة السجن مدة لا تزيد على سنة، أو غرامة لا تزيد على خمسمائة ألف ريال، أو بهما معًا.

ووضع تصنيف مخالفات لائحة المحافظة على الذوق العام بعد تعديل جدول تلك المخالفات، حدًّا لتلك التجاوزات؛ حيث بلغت مخالفة تصوير الأشخاص بشكل مباشر دون استئذانهم، أو تصوير الحوادث الجنائية أو المرورية أو العرضية دون الحصول على إذن أطرافها، 1000 ريال، وفي حالة تكرار المخالفة 2000 ريال مع إلغاء وحذف الصور.

كما أكد نظام الإعلام المرئي والمسموع على حماية الكرامة الإنسانية، حيث نصت المادة الخامسة الفقرة (6) على حظر بث أو نشر أي محتوى ينتهك الحياة الخاصة للأفراد أو يمس كرامتهم الإنسانية، وشددت المادة السابعة عشرة على العقوبات التي قد تصل إلى غرامة قدرها عشرة ملايين ريال، أو الإيقاف عن مزاولة المهنة، أو إلغاء الترخيص، مع مضاعفة العقوبة عند التكرار.

ولا تقف خطورة هذا السلوك عند حد المخالفة النظامية فحسب، بل تمتد إلى آثار نفسية واجتماعية جسيمة تُضعف قيم الرحمة والتكافل، ما يستوجب تكثيف التوعية بأن الكرامة الإنسانية مقدمة على المشاهدات، وأن تصوير المصابين واستغلال مآسيهم جريمة شرعية وأخلاقية ونظامية تستوجب المساءلةويجب على توعية الناس بخطورة هذا العمل ورفع ثقافة الوعي