كلما سمعت أو قرأت عن تكريم أو دعوات أو إقامة مؤتمر للمثقفين السعوديين، خطر لي أن هناك لا مبالاة أو تهميشا أو (إقامة كانتونات ثقافية ماركة مسجلة) على نمط معين ونساء معينات، وكأننا وطن بلا تاريخ أدبي وثقافي وفني نسائي، أو أن المرأة السعودية بلا تاريخ أو جذور.. فهذا إما جهل أو تجاهل، أو ربما لا مبالاة بطموح المرأة السعودية الذي بدأ مبكرا جدا، وهو رغبة المرأة بالتعبير عن نفسها بالكتابة؛ فقد ناضلت المرأة في حرفها لتثبت فقط وجودها داخل المجتمع، وأنها فاعلة، وأقصد المرأة الأديبة الكاتبة التي اختارت الكتابة الأدبية من رواية أو قصة أو شعر أو حتى فن لتعبر به عن نفسها مواكبة لعصر المرأة العربية، وربما تساوت مع المرأة الخليجية في المرحلة الزمنية سواء في الكويت أو البحرين أو اليمن، رغم ما كان يتاح لهن من ظروف تسمح بالنشر وتنوع القراءة والتفاعل، بل ربما تكون قد سبقتهم رغم قلة المحفزات.
بدأت المرأة السعودية في الكتابة الأدبية في الخمسينات، وكان للمرأة في الشمال السبق في تسجيل البدايات، فكانت الشاعرة المعروفة سلطانة السديري التي نشأت موهبتها الشعرية في القريات بأقصى الشمال وأصدرت أول ديوان لها (نشر من دار بعلبكي في لبنان عام 1956م ثم أعيد طبعه عام 1958، هذا غير مشاركتها في جريدة البلاد ونشرت أول قصائدها الشهيرة (سويعات الأصيل) في مجلة قافلة الزيت الصادرة عن شركة أرامكو، وتوالت بعد ذلك عطاءات المرأة السعودية في الأدب والشعر بأنواعه، وفي القصة والقصة القصيرة كانت رائدة الشعر الغنائي الأستاذة ثريا قابل ثم ظهرت أسماء من هنا وهناك... وكانت سميرة خاشقجي التي اختارت اسم (سميرة بنت الجزيرة العربية)، والتي ـ بالرغم من أنها بحكم إقامتها خارج المملكة ـ تهيأت لها ظروف للنشر والكتابة إلا أن هذا لا يمنع من أنها من الرائدات، وكانت لها بصمات وطموح سبق المرحلة، عندما أسست مجلة الشرقية كأول أديبة سعودية تؤسس مجلة نسائية في الوطن العربي.. وفي المقال القادم نكمل...