القرار بالترخيص لهذه الكسارات بالعمل رغم اعتراض 'حماية البيئة' و'الشؤون البلدية' على ذلك الموقع، هو قرار يعكس عدم المبالاة بأرواح المواطنين

يقف أكثر من 100 ألف نسمة من سكان محافظة القويعية على أعتاب كارثة بيئية وصحية من الدرجة الأولى بسبب قرار اتخذ مؤخرا بالسماح لحوالي 40 كسارة للعمل في مكان محاط بالقرى والمزارع، ويقع على حدود النطاق العمراني لمدينة القويعية، ولا يفصله عن طريق مكة السريع إلا بضعة أمتار، وفي منطقة يوجد فيها بعض المواقع الأثرية، فضلا عن كون الموقع على طريق الحجاج والمعتمرين والمسافرين القادمين من الخليج والمنطقتين الوسطى والشرقية المتجهين إلى منطقة مكة المكرمة. وسوف تنتج عن هذا الموقع عند اكتماله أضرار بيئية بالغة، وليته يتوقف عند هذا الحد، بل إنه يشكل خطرا على الحالة الصحية للمواطنين الذين سوف يتحولون إلى زبائن دائمين لعيادات الربو والأمراض الصدرية والحساسية، ناهيك عن الخطر الذي سوف تشكله الناقلات الخاصة بهذا الحجم الكبير من الكسارات على حياة المسافرين والعابرين لهذا الطريق الذي يعد أحد أهم الطرق التي تربط بين مناطق المملكة.

القرار بالترخيص لهذه الكسارات بالعمل رغم اعتراض الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة واعتراض وزارة الشؤون البلدية والقروية على ذلك الموقع، هو قرار يعكس عدم المبالاة بأرواح المواطنين، وانتهاك لحقوق سكان هذه المحافظة من قبل بعض المسؤولين الذين يقفون خلف هذا القرار، وهو حكم بالإعدام على السلامة الصحية للسكان وعلى بيئة محافظة القويعية وحياتها الفطرية بكل مكوناتها، وتدمير للمحافظة التي تضم الكثير من القرى التي تشتمل على بعض الآثار والمواقع التاريخية. يحدث جميع ذلك من أجل مصلحة حفنة من رجال الأعمال ماتت ضمائرهم واستوطن أشعب في قلوبهم، تزداد أرصدتهم بمقدار نقص الوعي والإحساس بالمسؤولية الاجتماعية لديهم، فهم غير مبالين وغير مكترثين بالعواقب الوخيمة لهكذا قرار، خصوصا أن بعضهم يسكن خارج المحافظة، ويحاولون بكل الطرق استمرار هذه الكسارات في العمل وقيامها في هذا الموقع بالتحديد رغم وجود خيارات أخرى، وعندما يتحقق لهم ذلك سوف ينامون بضمير مرتاح من التأنيب بكل تأكيد بالتفكير في عواقب أعمالهم الوخيمة وأثرها على سكان هذه المحافظة.

القرار بالترخيص لهذه الكسارات بالعمل رغم اعتراض حماية البيئة والشؤون البلدية، والجرأة التي كان ولا يزال عليها بعض المستفيدين من أصحاب هذه الكسارات التي تتمثل في تحديهم للمجتمع وإصرارهم على هذا الموقع بالتحديد، ورفضهم أكثر من موقع مقترح بحجة ارتفاع التكلفة عليهم التي قوبلت مع الأسف بتسامح من قبل الجهات ذات العلاقة في المحافظة؛ توحي بأنهم واثقون بأن مطالبهم سوف تتحقق في نهاية الأمر، وهذا يثير الكثير من التساؤلات التي تستدعي وجوب مساءلة كل من يدفع بالمنطقة نحو هذه الكارثة من خلال تبرير هذا القرار بأنه مشروط بتركيب موانع لتطاير الغبار والأتربة في الجو، أو ما يسمى فلتر، وهي دعوى بمنتهى السذاجة، وتنهار عند أبسط التساؤلات.. فلماذا لم يتم تركيب هذه الـفلاتر على هذه الكسارات وتركها في المناطق التي اتخذ فيها قرار بإغلاقها؟ وهو ليس حلا مقبولا لسكان المحافظة الذين يتساءلون إذا كان هذا يعد حلا فلماذا لم يكتف بتركيب هذه الـفلاتر في مواقع أخرى صدرت أوامر إزالة هذه الكسارات منها، وهي كثيرة في محافظات مختلفة وبدون شروط.

سكان المحافظة يضعون ثقتهم في صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض ونائبه صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سعد بن عبدالعزيز فهما قادران على إنهاء هذه المعاناة بقرار حاسم يغلق الطريق بشكل نهائي أمام المتربصين والمستفيدين، وكل من يريد تحقيق مصلحته الشخصية على حساب المصلحة العامة، ويبني سعادته على تعاسة الأبرياء، ويحفظ للسكان كرامتهم وحقهم في العيش في بيئة بعيدة عن التلوث، وهذا أبسط حقوق سكان هذه المحافظة، ولا نشك أن هذا الاهتمام من أولويات ولاة أمر هذه البلاد حفظهم الله من كل مكروه.