الصحافة المهنية لا تسابق الزمن وتجري وراء الأحداث لتحقيق انفراد صحافي فقط، وإنما يهمها في المقام الأول أن تكون مرآة تعكس تطلعات الفرد والجماعة، ومعاناتهم وهمومهم وأحلامهم، للقائمين على أمرهم من المسؤولين في مؤسسات الدولة.
الصحفي يسعده، بل إن غاية سعادته تكمن في عرض مشكلة أو معاناة لقطاع من القطاعات، حين يوجد المسؤول عن ذلك القطاع الحل ويمنح القضية الاهتمام اللازم، وذلك حقا ما عايشناه مع الزملاء في الوطن بعد الزيارة الأخيرة للصحيفة لدار التربية الاجتماعية بجازان أو ما تم التعارف عليه صحافيا بـقضية أيتام جازان. الصحيفة من خلال زيارتها للأيتام في غرفهم الخاصة ومشاركتهم وجباتهم وأنشطتهم اليومية، ورصد انطباعاتهم وما تم توفيره لهم في الدار، عكست بالقلم والصورة تغير أوضاع الأيتام في الدار، إذ أمنت وزارة الشؤون الاجتماعية أثاثا جديدا للدار، وزودت جميع الغرف بأسرة وخزانات وشاشات تلفزيونية جديدة، فيما عوضت الأيتام عن قيمة شاشة الـ10 آلاف ريال التي قام الأيتام بشرائها على حسابهم الخاص، وتحسين وجباتهم، وتأهيل معمل الحاسب الآلي، الذي تم تجهيزه بالحديث من الأجهزة وتزويده بإنترنت ومدربين متخصصين، وكذلك توفير مجلس عام يستقبل فيه الأيتام ضيوفهم، بالإضافة إلى تجهيز ملعب رياضي يشرف عليه مدربون، لترتسم البسمة والرضا على وجوه الأيتام إثر توفر كل احتياجاتهم وطلباتهم.
سعدنا جميعا بما تحقق لـأيتام جازان وتغير أوضاعهم إلى الأفضل، خلال فترة لا تتجاوز الشهر الواحد، منذ أن نشرت الوطن التحقيق الأول عن الدار، وألقت الضوء على معاناتهم، ومن ثم حرصت على متابعته بشكل شبه يومي، فكانت الصحيفة ومنسوبوها من أكثر الجهات سعادة بما تحقق للأيتام من تغيير واهتمام وتحسين أوضاع، فأكثر ما يفرح الصحافي أو الصحيفة تمكنه وتمكنها من القيام بواجبها في خدمة المجتمع، لذلك لم يكن مستغربا تفاعل كتاب الوطن واهتمامهم بهذه القضية، حتى ظن البعض بأنه ليس للصحيفة قضية أخرى غير أيتام جازان.
تفاعل وزارة الشؤون الاجتماعية أيضا يستحق الإشادة، خصوصا حديث وزيرها الدكتور يوسف العثيمين لـالوطن عندما قال بالتأكيد ليس من سمع كمن رأى.. ورحم الله من أهدى إليّ عيوبي معلقاً على القضية ذاتها، ومقرا بوجود تجاوزات، فكان في ذلك نهاية لمعاناة أيتام جازان.
شكرا للزملاء الأعزاء في جازان مدير المكتب موسى محرق والمحرر حسين معشي والمصور المتميز سلطان الفيفي، شكراً أيضا للكاتب المؤثر علي الموسى ولبرنامج ياهلا والأنيق علي العلياني، وشكراً لكل الكتاب والإعلاميين الذين تفاعلوا مع تحقيق الوطن ومعاناة الأيتام، فقد أدى الإعلام دوره وأكمل رسالته في قضية اجتماعية إنسانية، وساهم في إيجاد الحل والاهتمام اللازم، وتغير حالهم من التحاف البلاستيك وأوراق الصحف إلى دار مهيّأة ومكتملة توفر لهم احتياجاتهم كافة.