في السنوات الأربع الأخيرة للرئيس نجاد، اصطدم مع المرشد الأعلى وكبار قادة الحرس الثوري، وكان ذلك واضحا ومكشوفا لكل الناس. نجاد هدد أكثر من مرة بكشف وثائق تتعلق بسوء استخدام السلطة والفساد لسياسيين معروفين

أخيرا، أصبح حسن روحاني الرئيس السابع للجمهورية الإسلامية الإيرانية بعد مراسم أداء اليمين الدستورية. الرئيس روحاني وعد بأن يكون قائدا جيدا لإيران وبأن يجعل حياة المواطنين الإيرانيين أفضل وأسهل وبأن يفتح صفحة جديدة من العلاقات بين إيران والمجتمع الدولي.

ومنذ بداية تسلمه لمنصبه يشكك البعض بأنه يستطيع تحقيق أي تغييرات حقيقية بالسرعة التي ينتظرها الشعب الإيراني. أعضاء الوزارة الجديدة، الذين سلم قائمة بأسمائهم إلى البرلمان في نفس اليوم الذي أدى فيه اليمين الدستورية، لم تلق إعجابا كبيرا من الشعب.

دور المرأة في وزارة التغيير والأمل ـ كما سماها روحاني ـ غير موجود على الإطلاق. المرأة الإيرانية، التي لعبت دورا خاصا في نجاح حملة روحاني وفوزه في الانتخابات، تشعر بالإحباط عندما تبين أن قائمة الوزارة الجديدة للرئيس روحاني لا تحوي أي امرأة ضمنها.

كان محمود أحمدي نجاد أول رئيس في تاريخ الجمهورية الإسلامية يقوم بتعيين امرأة في حكومته حين قام بتعيين السيدة داسجردي كأول امرأة إيرانية –وآخر امرأة حتى الآن- في منصب وزاري بعد الثورة الإسلامية. المرشد العام للثورة، آية الله علي خامنئي، أعلن منذ عدة أشهر عن رأيه حول دور المرأة ومشاركتها في النشاطات الاجتماعية والسياسية. خامنئي قال إن وجود المرأة في منصب وزاري أو أي منصب رفيع آخر ليس أمرا يدعو للإعجاب بالضرورة. في رأي خامنئي، فإن أفضل عمل تؤديه المرأة هو دور الأم والزوجة. وجهة نظر المرشد الأعلى حول دور المرأة في الحياة الاجتماعية والسياسية جعلت الكثير من النساء الإيرانيات يشعرن بالغضب. ومع ذلك، فقد فضل الرئيس روحاني أن يلجأ للخيار الآمن سياسيا في بداية عهده بالابتعاد عن هذه القضية المثيرة للجدل من خلال عدم منح المرأة الإيرانية أي منصب وزاري تجنبا للاصطدام مع البرلمان أو المرشد الأعلى.

خيارات روحاني في أعضاء حكومته كانت بعيدة حتى عن توقعات كثير من مؤيديه، باستثناء اثنين من أعضاء الوزارة، محمد جواد زريف لوزارة الخارجية وبيجان نمدار زانجينه لوزارة النفط والغاز، فإن باقي المرشحين غير معروفين للناس إطلاقا. معرفة معظم خيارات روحاني للوزارة تحتاج إلى بحث ومعرفة عميقة بالشخصيات الإيرانية في بعض المواقع المهمة. معظم هؤلاء المرشحين للوزارة في حكومة روحاني لهم خلفيات ثورية. خياراته لوزارة الداخلية ووزارة الاستخبارات ووزارة الثقافة والإرشاد لم تعجب أحدا. الفنانون والكتاب وصانعو الأفلام كانت لهم توقعات أكبر بكثير من اختيار علي جنتي لوزارة الثقافة مثلا. علي جنتي ابن رجل الدين المحافظ المثير للجدل آية الله أحمد جنتي رئيس مجلس صيانة الدستور وخدم عقدين من الزمن كسفير لإيران إلى الكويت إلى أن أعفاه أحمدي نجاد من منصبه منذ 3 سنوات بسبب ادعاء الكويت اكتشاف شبكة تجسس إيرانية تعمل في الكويت. علي جنتي مقرب من هاشمي رفسنجاني، وقبل أن يصبح سفيرا إلى الكويت، كان مدير مكتب الرئيس رفسنجاني في فترة حكمه.

على الرغم من أن والد علي جنتي، آية الله أحمد جنتي، كان ضد رفسنجاني، إلا أن علي بقي مقربا من رفسنجاني وفريق عمله، واليوم قرر روحاني ترقية هذا الثوري المخضرم بتعيينه وزيرا للثقافة.

بشكل عام، الناس في إيران غير مرتاحين للتشكيلة الوزارية التي قدمها روحاني إلى البرلمان، لكن من المبكر الحكم وعلينا أن ننتظر لنرى، بعد مصادقة البرلمان عليها، إذا كانت هذه الوزارة قادرة على العمل من أجل الشعب بالشكل المرجو منها.

الشخص الوحيد، من بين المرشحين للوزارة، الذي لدى البرلمان شكوك حول المصادقة عليه هو بيجان نمدار زانجيه، المرشح لوزارة النفط والغاز، بعكس المرشح لوزارة الخارجية جواد زريف، سفير إيران السابق إلى الأمم المتحدة، الذي يتمتع بسمعة طيبة بين الناس، وكان مقربا من الرئيس محمد خاتمي ووسطيا في نفس الوقت. جواد زريف دبلوماسي متمرس تلقى تعليمه في الولايات المتحدة ويمكن أن يكون خليفة جيدا لوزير الخارجية في عهد أحمدي نجاد، علي أكبر صالحي.

خيار روحاني لمنصب رئيس مجلس الأمن القومي ليس واضحا بعد، وعلى الرغم من جميع التوقعات والتخمينات، لم يعلن الرئيس روحاني عن اسمه بعد. الحقيقة هي أن روحاني نفسه دبلوماسي ماهر والطريقة التي سيتعامل بها مع المجتمع الدولي، ومع الشعب الإيراني، ستكون على الأرجح مختلفة عن طريقة تعامل وأداء أحمدي نجاد. في مراسم تنصيبه رئيسا للجمهورية، دعا روحاني دول العالم لمخاطبة إيران باحترام وليس من خلال العقوبات إذا كانوا يريدون وضع نهاية منطقية ومقبولة لمشكلة الملف النووي الإيراني. ومن المعروف أن أكبر مشكلة دبلوماسية وسياسية تواجه روحاني حاليا هي المفاوضات مع دول مجموعة (5+1) التي سوف تستأنف قريبا، وسوف يتم تقييم الرئيس روحاني بشكل مبدئي بناء على ما تتوصل إليه هذه المفاوضات المهمة.

في السنوات الأربع الأخيرة التي شكلت الولاية الثانية للرئيس محمود أحمدي نجاد، اصطدم مع المرشد الأعلى وكبار قادة الحرس الثوري الإيراني، وكان ذلك واضحا ومكشوفا لكل الناس. نجاد هدد أكثر من مرة بكشف وثائق تتعلق بسوء استخدام السلطة والفساد لسياسيين معروفين في تلك الفترة. لكنه في الواقع لم يكشف عن أي وثائق. لذلك فإن كثيرا من الإيرانيين يتهمون نجاد بسوء الإدارة والافتقار إلى الدبلوماسية.

الكثيرون يأملون أن روحاني ستكون لديه الفرصة لإحداث تغييرات إيجابية وتصحيح كثير من المسارات الخاطئة في السياسة الإيرانية. فهل يحقق روحاني الآمال المبنية عليه؟ أم أنه، مثل جميع رؤساء إيران، فقط من رجال المرشد الأعلى بغض النظر عن اختلافاتهم وأفكارهم وخلفياتهم؟