ليس أسوأ من ارتكاب الأخطاء إلا تبريرها، فإن الوقوع في الخطأ قد يكون من غير قصد لكن الدفاع عنه والتماس المسوغات له يعني سبق الإصرار والترصد.

ليس أسوأ من ارتكاب الأخطاء إلا تبريرها، فإن الوقوع في الخطأ قد يكون من غير قصد لكن الدفاع عنه والتماس المسوغات له يعني سبق الإصرار والترصد، والحق أنني لم أتوقع أن يكون لمقالة الأمس (مفارقات في يوم الوطن) هذا الصدى لدى بعض الإخوة العرب وكنت أظن أن لو قرأ مقالتي بعض المقيمين هنا وتفاعلوا معه فسيكون باستنكار الخطأ و(تبعيضه) لا بتبريره وطرح مقارنات بين تعامل السعودية مع العرب وتعامل دبي على نحو مخصوص، وذلك لأن العرب في دبي هم نفسهم في السعودية والكويت ولهم نفس المشاعر ونفس السلوكيات، بدليل إبعاد دبي للكثير من الأسر العربية على اعتراضاتهم ومنتهم عليها بأنها أنكرت فضلهم وتناست أنهم عمروها وأسبغوا عليها شآبيب النماء ـ كما يحب كثير منهم أن يدافع عن نفسه إزاء كل بلد خليجي يعاتبهم لأي سبب ـ متناسين أنهم ما قدموا للخليج من أجل (سواد عينيه) ولا ليخرجوا الخليجيين من الظلام إلى النور بل قدموا للاستفادة من الرواتب المجزية وفرص العمل الجيدة مع توافر الأمن والاستقرار والبيئة المحافظة المثالية لمعيشة أسرهم، ومقالة الأمس لم تطالب العرب بأن يحبونا ولا أن يشاركونا أفراحنا ولا أحزاننا فالعواطف لا تطلب والوفاء لا تُقدم من أجله المعاريض، مقالة الأمس كانت تقرّر الحقيقة التي لا يجب أن ننكرها نحن ولا إخوتنا العرب الذين يقولون إن هذا البلد ليس بلدهم، وليسوا مطالبين بالاحتفاء بيومه الوطني مع مواطنيه كما شاركوا مواطنيه لقمة عيشهم وطاولات دراستهم وسرر مستشفياتهم، ولهذا لم أوجه لهم عبارة واحدة ولم أتجاوز الواقع بقراءتي لبعض ما يقع وما يمكن تداوله صحفيا وهناك الكثير من مظاهر الأحقاد والنكران التي نتجاوزها ـ لأننا نشأنا على تجاوز حكومتنا الرشيدة ـ عن الكثير ممّا يُقترف بحقها وحق وطننا وإيثار الأخوّة والسعي لدعم العلاقات العربية وعمل المبادرات والوساطات لحلّ خلافات العرب وإصلاح ذات بينهم، هكذا نشأنا ولهذا تجرّعنا الكثير المرير وسكتنا، لكن ما يؤسف له أن يعقب البعض ويراسلني بتبرير هذه الأحقاد على البلد الذي احتضنهم بأمنه ونمائه وأتاح لهم ما يتيحه لمواطنيه من فرص عمل شريفة في بيئات آمنة وتعليم مجاني وعلاج مجاني فضلا عما يقدمه المواطنون من تسهيلات تصل حد التجاوز على نظام الدولة لهم معرضين أنفسهم للمساءلة والعقوبة، وإلا لماذا يفضل العرب البقاء هنا على الرحيل للدول التي يرون أنها تحترمهم أكثر وتمنحهم حقوقا أكبر؟! فيا إخوة العروبة إن لم يكن الاعتذار عما يبدر عن بعض ناكري الفضل فلا يكون التبرير للحقد على هذا البلد العظيم.