بحسب المختصين في علم السلوك الإنساني، فإن أبرز أعراض الخجل هو هروب الكلام!، وهو الأمر الذي يفترض بي أن أضع نقطة على السطر، ثم أن أهرب بعيدا!
إلا أن الخجل سيكون لنا بالمرصاد أنّا اتجهنا وحيثما يممنا، سنصاب بتخمة خجل كبرى، ففي المشهد ما يجعل الخجل أقرب لك من كل المشاعر الأخرى!
أكثر ما سيمنحك الخجل مع مطلع كل شمس هو مظهر مدرسة مستأجرة بائسة تمر بجوارها كل صباح، هناك لا شيء يدل على أنها مدرسة سوى اللوحة الصغيرة التي علقت بخجل على ناصيتها، أما ما عدا ذلك فهي تملك صك براءة من مشابهتها لأي مدرسة حقيقية.
في كل مرة ستمر بجانبها ستطرح الأسئلة نفسها تباعا، كيف تبدو الفصول بالداخل؟ ماذا عن المختبرات؟ هل هناك مكتبة؟ ماذا عن وسائل السلامة وخطط الإخلاء؟ بل أين هو الملعب؟!
في الطريق، أي طريق، سيكون الخجل لك بالمرصاد حين تتذكر أن حافلات خط البلدة، ما تزال محسوبة ضمن وسائل النقل العام لدينا، لم تتطور أو تتجمل أو تتحسن، بل هي ذات المركبة التاريخية التي تم تدشينها قبل 20 سنة، إلا أنها مع الوقت بدأ لونها البرتقالي يتحول إلى الأصفر، وبدأت مقاعدها في الاختفاء، ثم أضرب بابها الوحيد عن العمل حتى اليوم! وأرجو ألا يسأل أحدكم عن وسائل السلامة أو مخارج الطوارئ فيها، وسيلة النقل هذه تصلح جدا لتكون وسيلة عقوبة أكثر من أنها وسيلة نقل عام!
وحتى يصبح الخجل لديك من أهم صفاتك المتلازمة، أنصحك بزيارة حديقة عامة، هناك يجب أولا البحث عن أي شيء يدل على أنها كذلك، فما ستشاهده هناك لا يتعدى مرمى كبيرا للنفايات ومحلا أكبر لتجميع الخردة والـسكراب!
يزورك الخجل في كل مرة تتردد فيها على مستشفى حكومي، هناك ستردد كلمة مخجل بجرعة عالية، هناك ستتألم من مشاهدة المرضى المتراصين في انتظار طبيب واحد!. في الطوارئ ستستمع للعبارة الأقدم في التاريخ المعاصر لدينا ما فيه سرير! العبارة التي تنشط كثيرا عند مدخل مستشفياتنا الحكومية!
أما ما سيقضي عليك من الخجل، فهو أن تعيش في عصر السرعة الفائقة في نقل المعلومات، ثم تقرأ ضمن شروط التقديم على إحدى الوظائف ملف علاقي!