يوما بعد يوم، يثبت الفرنسيون أنهم شعب ذوييق، وآخر دليل هو مشروع القانون الذي تناقشه الحكومة الفرنسية هذه الأيام، بخصوص حظر عمل عارضات الأزياء المعصقلات النحيفات جدا!، إضافة إلى غرامات تصل إلى 75 ألف يورو، والسجن ستة أشهر لأصحاب وكالات الإعلانات والمتورطين في تحويل أجسادهن إلى هياكل عظمية، حسب تصريح وزيرة الصحة الفرنسية ماريسول تورين.  المشكلة هي أن العارضات أصبحن نموذجا لنساء العالم شرقا وغربا، حتى صارت الواحدة منهن صائمة الدهر من غير نيّة صوم تؤجر عليه على الأقل، وأنا أعتقد أن التي تفقد الشهية للأكل تفقد الشهية للحياة نفسها!  وإلى وقت قريب كانت المرأة المثالية في العالم كله امرأة مكتنزة، عبلاء، خرساء الخلاخل والأساور، برمادة، عيطبول، مملودة، وهنانة، عرهرة، رجراجة، رتكة، وكلها كلمات في العربية تعني المرأة المربربة باختصار، ولكن يبدو لي أن دور الأزياء أرادت أن تكسب أكثر بتقليل كمية القماش من خلال تخفيض حجم الكتلة إلى النصف، ومن ثمّ تعرية نصف النصف الباقي! فخرجت إلينا بهذه العاهات، وكلاهما -التعرّي والنحافة- يُفقدان الجمال بريقه وسحره، والملابس هي صفة خاصة للإنسان، وهي المصدر والمنشأ لفضيلة الحياء كما يقول الفيلسوف توماس كارليل في كتابه الفخم فلسفة الملابس.
وأنا أعتقد –ولكم أن تخالفوني– أن الرجل العربي ما زال كأسلافه يحب التي إذا تمشي تأود جانباها، فكلي واشربي سيدتي من غير إفراط ولا تفريط، ففنون الأزياء التي تروج لصورة الحسناء شبه المتلاشية، خادعة، متاجرة.