تستمر فترة حمل الأرانب من 28 إلى 32 يوما، وتلد من أربع إلى خمس مرات في السنة الواحدة، هذا التوالد الأرنبي المتسارع، أصبح عاديا أمام الشاشات الفضية التي تتوالد باستمرار مذهل، وعلى مدار الساعة، ما قد يؤهلها للدخول إلى سجل غينس للأرقام القاسية دون منافس.
هذه الشاشات تفرّخ لنا أجنة على شاكلة محللين اقتصاديين وسياسيين وعسكريين واستراتيجيين ونفسيين واجتماعيين وثقافيين ورياضيين، وقرّاء الطالع الذين تتسابق الشاشات إلى استضافتهم مطلع كل عام، معظهم لا علاقة لهم بالتحليل ولا بالقراءة لا من قريب ولا من بعيد، وما يهم الشاشات ملء ساعات البث في خارطتها البرامجية، وكل هم أشباه المحللين الأضواء والشهرة، ولو على حساب تشويه الحقائق، كل همهم ما يقبضون وعلى مبدأ ما في أحد أحسن من أحد.
لم نعد بحاجة إلى محللين. أتخمتنا الشاشات الفضية برؤاهم وأشكالهم إلى حد القرف.
نحن بحاجة إلى محرمين ضمائرهم يقظة، ديدنهم الصدق، لا يخشون في قول الحق لومة لائم، نحتاج إليهم ليتصدروا الشاشات الفضية ووسائل قنوات التواصل الاجتماعي، لطرح صدق رؤاهم في تحريم وتجريم القتل والتخريب وإقصاء الآخر، وتعرية وفضح كل من يبيع صوته وذمته من أجل حفنة مال، وكل من يعمل في الخفاء لإحاقة السوء بأهله ووطنه، ويتنكر لملحه وزاده.
ارحمونا أشباه المحللين من ثقافتكم الضحلة، وتأكدوا أن تراب الأوطان لا يقبل جثث من يشوه الحقائق فيها.