أدى مصرع القيادي البارز في حزب الله مصطفى بدر الدين، في سورية في مايو الماضي، إلى ترك الحزب يترنح من هول الصدمة، ولكن ليس للسبب الذي يعتقده معظم الناس.

صحيح، أنه فقد أحد قادته المؤهلين تأهيلا خاصا، والذي يتميز بنسب فريد من نوعه، كونه نسيب عماد مغنية، الذي تآمر معه بدر الدين لتنفيذ هجمات إرهابية مدمِّرة، يعود عهدها إلى تفجيرات بيروت في الثمانينات.

وكان بدر الدين يشغل وظيفتين، كقائد لكل من الشبكة الإرهابية الدولية للحزب منظمة الجهاد الإسلامي أو منظمة الأمن الخارجي، ولقواته العسكرية المنتشرة على نطاق واسع في سورية. ولا تُعتبر خسارة مثل هذا القائد الكبير والمحنك نكسة صغيرة لـحزب الله.

منذ عام 2012، لقي مقاتلو حزب الله مصرعهم في معارك ضد الثوار السُنة في سورية بأعداد أكبر مما خسر الحزب في جميع معاركه وحروبه مع إسرائيل. والمسألة ليست مجرد أعداد، بل مصرع قادة رئيسيين. فوفقا لبعض التقارير قُتل عدد قليل من قادة حزب الله على يد إسرائيل، بمن فيهم جهاد مغنية وسمير القنطار. ولكن هذه الحالات هي الاستثناء التي تُثبت القاعدة، أي أن معظم كبار قادة حزب الله لقوا مصرعهم على أيدي عناصر السُنة، وليس على أيدي الإسرائيليين.

إن حزب الله الذي يعمل تحت وصاية إيران، يحاول السيطرة على لبنان وشن حرب ضد المعارضة السورية، وفي هذه الحالة يساعد على ازدهار تنظيم داعش.

ومن الواضح لماذا تريد إيران بقاء بشار الأسد في السلطة في سورية: ففي تقرير لوزارة الخارجية الأميركية حول الإرهاب صدر عام 2014، كتبت الوزارة أن إيران تعتبر سورية جسرا حيويا لإمدادات الأسلحة لـحزب الله. وأشار التقرير أيضا، نقلا عن بيانات الأمم المتحدة، أن إيران وفرت السلاح والتمويل والتدريب لدعم الحملة الوحشية لنظام الأسد التي أسفرت عن مقتل 191,000 شخص على الأقل.

وأشار التقرير نفسه لعام 2012 إلى أن رعاية الدولة الإيرانية للإرهاب قد ظهرت من جديد، إذ إن النشاط الإرهابي لكل من إيران وحزب الله قد وصل إلى درجة لم يسبق لها مثيل منذ التسعينات.

إن مكانة حزب الله قد تراجعت بشكل كبير في مختلف بلدان الشرق الأوسط. وكانت شعبية الجماعة قد ارتفعت في أعقاب الحرب مع إسرائيل عام 2006، ولكن هذه هي قصة مختلفة في الوقت الحالي. فبعد قيام مجلس التعاون الخليجي بتصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية، أصر حسن نصرالله على أن معظم العالم العربي رفض هذا القرار، وما يزال يؤيد الحزب. لكن، تعطي استطلاعات الرأي من سبتمبر 2015 صورة مختلفة، إذ يحمل 86% من الأردنيين نظرة سلبية عن حزب الله، كما حصل الحزب على نسبة تأييد لا تزيد عن 13% فقط في الإمارات العربية المتحدة.

وكما يُظهر اغتيال بدر الدين، فإن حزب الله يجد نفسه في ورطة كبرى في استطلاعات الرأي، فيما يتعلق بالمشكلة السُنية.

إن هذا المجرى للأحداث ذو دلالة كبيرة عندما لا تأتي المشكلة الأمنية الأكبر من إسرائيل، بل من سورية.