وهنا لن أستثني حتى نفسي من القائمة الطويلة في سؤال العنوان. اختلفت حد الاقتراب من باب الدوائر القانونية مع أحمد عيد، وفي النهاية ها هو يسجل انتصاره المسكت الساحق. أنا لا أكتب اليوم في الرياضة فهذه مساحة لمعارك الصقور مع الثعابين. أنا أكتب اليوم من أجل الإنصاف وللتاريخ والحقيقة. أحمد عيد الحربي، رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم، قد يكون الإداري التنفيذي الوحيد على خارطة الوطن الإدارية الذي نحتكم إلى مسطرة جهده وعمله بالأرقام وبالنقاط وباستبانات التقييم الصادرة من جهات عالمية محايدة لا تعرف المحاباة ولا وسيلة لشراء نتائجها بالمجاملة. استلم دفة الإدارة ومنتخبنا الوطني في المرتبة (126) من بين كل دول العالم وخلال سنوات إدارته الأربع وصل به إلى مشارف الخمسين. استلم دفة الإدارة في وسط الظروف المحبطة لمنتخب غاب عن نهائيات كأس العالم في آخر دورتين وهو الذي كان الضيف الثابت قبل ذلك بأربع مرات: اليوم، وفيما أحمد يودع فترة إدارته، أخذه إلى حدود روسيا 2018 متصدرا مجموعته الفولاذية بعشر نقاط تاركا لمن بعده مهمة جمع سبع نقاط كافية للوصول بالحساب المنطقي، وأشك أن من سيأتي من بعده لن يستطيع أن يفعلها ويصل. استلم أحمد يد دفة إدارته ومنتخب الشباب عاجز عن الوصول حتى لنهائيات آسيا، وترك الكرسي وقد أوصل الشباب إلى نهائي آسيا ومن ثم نهائيات كأس العالم. كان بعض أصحاب المسامير الغليظة في دبابة أحمد عيد يتحدثون عن المنتخب اليتيم، لكنه صعد به إلى قرب المرتبة الخمسين في إحصاء شهري عالمي محايد، ثم قاد باليدين، منتخبين إلى النهائيات والصدارة، ومرة أخرى: هل أسكتكم أحمد عيد بكل هذه الأرقام والنقاط ؟ هل لا زال المنتخب يتيماً إلى يد الأب القادم الجديد الذي يستلم المهمة الوطنية شبه كاملة مكتملة؟
كان أحمد عيد الحربي، ومنذ يومه الأول، يطلب الحساب بعد انتهاء الفترة، وكانوا كلهم يعلمون أنه كشف الحساب الوحيد بين كل الإداريين، وفي كل الجهات، الذي تحكمه الأرقام والإحصائيات وترتيب رقمي نقطي لهذه النتائج: اليوم هل أسكتكم أحمد عيد؟ وهل ستقولون كلمة إنصاف واحدة في حق أنفسكم قبل أن تكون من حقه؟ هل ستقولون كلمة الحق في مقارنته بتنفيذيين آخرين في الهيئات والشركات وفي الجامعات التي تعمل، ومثله أيضاً، تحت التصنيف والأرقام والجداول. هل ستصدقون مع الجميع وهو يصعد كالصاروخ سبعين مرتبة في أربعة أعوام بينما غيره يتراجع مئتي نقطة بجامعته أو مؤسسته في عام واحد وفي تصنيف دقيق مشابه؟ هل أسكتكم أحمد عيد وهو يعمل في وسط هذا البركان الرمادي، وفي غابة إعلام المضللين والمنتفعين وأصحاب الأهواء وتطرف الميول؟ هل أسكتكم أحمد عيد وهو يعمل لأربع سنوات دون أن يغلط حتى بحرف واحد من كلمة تجاه العشرات الذين يشتمونه كل ليلة؟ هل أحرجكم بكل هذا الأدب الاستثنائي الخارق؟ ثم أحرجكم أكثر من هذا بالصعود المثير لسبعين مرتبة، ربما عكس أمانيكم، كي لا ينجح، وهل أسكتكم وهو في شهر الوداع يضع علم بلاده على الصدارة ثم يتركه للقادم من بعده ببضع نقاط ليكمل مهمة قصيرة تماماً مثلما تضع مجرد الألوان بعد بناء الهيكل؟ عني شخصياً أعتذر لكم، أبا رضا، شاكراً لك كل يوم في هذه المهمة الوطنية.