أثار استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سؤالا حول إحدى القضايا الأكثر عمقا والتي تحتاج الآن إلى معالجة الحكومة البريطانية. والسؤال هو عما إذا كان يجب اعتماد سياسة الانفتاح والتجارة الحرة وتحرير تنظيمها في الداخل، ومن ثم ينبغي أن نأخذ زمام المبادرة في تعزيز هذه السياسة على الصعيد الدولي، لا سيما في ظل الظروف الحالية في الولايات المتحدة؟
بريطانيا في وضع جيِّد لاتخاذ هذه المبادرة التي تتطلب الشجاعة الفكرية والرغبة والخيال للقيام بتنفيذها. فإذا استطعنا أن نحزم أمرها، فإننا سنجني فوائد هائلة ليس فقط لحياة المواطنين البريطانيين، بل لحياة العديد من أشد الناس فقرا في العالم.
في العقود القليلة الماضية، تم انتشال أعداد كبيرة من الناس من الفقر نظرا لأن حكوماتهم حررت تجارتها واعتمدت لها إصلاحات مؤسسية محلية.
خلال هذا الأسبوع نشرت جمعية كافود للمساعدات الخيرية وثيقة تثير بعض هذه القضايا. لقد كان لي في الماضي كثير من الخلافات مع كافود. ففي الواقع كان نقاشي معهم مهما في تشكيل العديد من اهتماماتي الفكرية.
تقول كافود إن علينا إزالة الحواجز التجارية التي تعترضنا دون توقع أي شيء في المقابل من بلدان أخرى. هناك الكثير مما يمكن قوله عن الحواجز التجارية التي تضر المستهلكين البريطانيين والمصدرين في الدول الفقيرة، وتضر في نهاية المطاف صناعات المملكة المتحدة، خاصة صناعات التصدير. على سبيل المثال، لا تزال لدينا حواجز جمركية عالية جدا تصل إلى 30% على الأغذية المصنعة مثل القهوة والشوكولاته التي ينبغي علينا إزالتها.
وتعتقد كافود أن السماح للدول الفقيرة بالحفاظ على حواجزها التجارية قد يكون أمرا جيدا بالنسبة لتلك البلدان، ولكن الأمر ليس كذلك. وبالطبع لا ينبغي لنا أن ننتظر من الآخرين أن يفعلوا الشيء الصحيح في مواطنهم قبل أن نفعل نحن ذلك الشيء الصحيح نفسه.
لقد أصبحت الصفقات التجارية معقدة للغاية لأسباب تتعلق بتنظيم معظم الحواجز التجارية. فعندما يتعلق الأمر بالزراعة، على سبيل المثال، يتم استخدام تنظيم الأغذية المعدلة وراثيا للحفاظ على وارداتها. وفي مجال الخدمات المالية، فإننا نبذل جهودا هائلة بالفعل لجعل النظم التنظيمية الوطنية المعقدة متوافقة دوليا. وهذا يتطلب من الجميع قدرا كبيرا من الخبرة التجارية، فربما تخلق نتيجة التجارة الماراثونية عمليا صفقات منتظمة تفيد أصحاب الشركات الكبيرة.