مكة : أحمد الجهني



لم يتوقع الفنان جميل محمود، أنه سيكون يوما ما فنانا، يسأل الناس عن موعد حفلاته التي بدأت من الخُبر في الأماكن العامة، وذلك عندما شاهده الناس وهو يعزف على العود ليوصلوه إلى تلفزيون أرامكو، ليسجل كثيرا من الأغاني.
لذا، عدّ نفسه أول فنان سعودي سطعت صورته وصوته على شاشة تلفزيون في العالم، ومن هنا بدأ جمهور الشرقية وبعض الدول المجاورة معرفة هذا الصوت المكاوي، الذي أخذ يكتب لنفسه النصوص الغنائية.

أحدية المحبة والفن بلا غيبة ولا سياسة
اشتهر جيل محمود، مطالع الثمانينات الميلادية من القرن الماضي، حين كان يعد ويقدم عبر القناة السعودية الأولى برنامج «وتر وسمر» الذي يحتفي بالموروث الغنائي المحلي، وظل يقدم هذا البرنامج من عام 1982 حتى 1987، ويقول عنه: البرنامج قدم كثيرا من الأصوات طوال السنوات الـ6 الماضية، ولا أعلم لماذا تم إيقاف البرنامج حتى هذه اللحظة. وظل محمود يدير في منزله صالونا أسبوعيا للموسيقى في مكة المكرمة منذ أكثر من 30 عاما، ويصفه بقوله: يستمر الفن في منزلي بتجهيز قسم خاص فيه الآلات الموسيقية، ويجتمع عدد من الفنانين، وفي مقدمتهم الشاعر الغنائي وكاتب النشيد الوطني السعودي إبراهيم خفاجي، هذا اللقاء اعتدت عليه في منزلي لأكثر من 30 عاما كل أحد، عدا رمضان المبارك، نجتمع ونقدم أجمل الأغاني، والدخول إلى المجلس مسموح للجميع -دون استثناء- ولكن هنالك شرطان، هما: عدم الحديث في السياسية أو الغيبة، ومن يتحدث يتم إخراجه بكل ذوق وأدب، فالهدف من اللقاء والاجتماع هو الترويح.

أغنية سمراء انطلاقة الشهرة

قدم جميل محمود، ألحانا لأشهر الفنانين، في مقدمتهم طلاح مداح، وعبادي الجوهر، عبدالمجيد عبدالله، وديع الصافي، شريفة فاضل، رجاء بالمليح، عائدة بوخريص، لكنه لا ينسى ثاني عمل فني لحّنه، وهو أغنية سمراء قصيدة الشاعر يحيى توفيق، التي غنتها الفنانة هيام يونس، يقول: انتشرت الأغنية بشكل كبير، ومن هنا ظهرتُ أنا والفنانة هيام يونس والشاعر يحيى توفيق، فهذه القصيدة أبرزتنا للعالم العربي، بل إن الفنان محمد عبدالوهاب عندما سمعها قال: هل من المعقول أن هذا اللحن سعودي؟، مشيرا إلى أنه من عشاق تلحين الكلمة، والذي يعمتد على معنى الكلمة في اللحن، وليس من عشاق تلحين الإيقاع الذي يعتمد على المؤثرات الصوتية.
 

الفن رواء للروح

يرى محمود أن الفن رواء للروح»روحوا القلوب ساعة بعد ساعة فإنها إذا كلت عميت» وهذا هو الفن الجميل الذي يجعلك بعيدا عن حياتك، واضعا داخلك صورا وخيالات جميلة، وحِكَما وثقافة، في حين ظهر مؤخرا الفن المبتذل الذي يثير الغريزة عبر فيدوهات الكليب، ويجب على الدول العربية أن تُكوّن جمعيات تتابع انتشار مثل هذه الأغاني الخادشة للحياء، وإيقاف مثل هذه القنوات المخالفة التي تجيز انتشار الأغاني المبتذلة.
 

العزف بأدوات الهندسة

قال محمود لـ«الوطن»، «دخلت الفن رغبة لإشباع هوايتي منذ طفولتي المبكرة التي منحتني الجرأة، فبدأت طرق أبواب الفن حتى أصبحتُ أغني وأقدم أعمالي الفنية عبر الحفلات والبرامج. زملاء المدرسة هم من قالوا لي إنني فنان، كانوا يستخدمون أدوات الهندسة للعزف، وأنا أجاريهم بالأغاني التي كنت أرددها على مسامعهم داخل الفصل، مستغلين فترات عدم وجود الأساتذة أو خلال الفسحة.
لم استخدم أجمل وأفضل من ذلك العود الذي اشتريته من القاهرة بـ2.5 جنيه خلال دراستي في الكلية العسكرية، هذا العود مهد انطلاقتي الفنية.
التحقت بالمجال العسكري وعملت ضابطا بالأمن العام، حتى وصلت إلى رتبة عقيد، ولكنني لم أخلط يوما بين عملي العكسري وهوايتي الفنية.
كنت أغني داخل المدرسة مستعينا بعلبة الهندسة و«الماصة» لإيصال صوتي بشكل موسيقي. الآن أنشر نتاجي عبر «واتساب»، أجد خلاله انتشارا للفن الذي ظل حبيسا لأعوام متعددة، بسبب انقسام الإذاعة والتلفزيون في جدة إلى عبداوي «محمد عبده«وطلالي»طلال مداح«فهما اللذان كانا يحظيان باهتمام كبير، وبنشر أعمالهما الفنية، دون أي اهتمام بالأصوات الأخرى.

الفنان ضمير المجتمع
يؤكد جميل محمود، أنه تغنى بشتى الأغراض الشعرية الوصفية والوطنية والدينية والرياضية، مشددا على أن الفنان هو الذي يستطيع أن يعبّر عن ضمير المجتمع الذي يعيش فيه. وأضاف، أن فرع جميعة الثقافة والفنون بجدة كان مهتما بالفن الغنائي، ولكن خلال الفترة السابقة لا يوجد أي اهتمام، وذلك لضعف ميزانيتهم التي لا تتجاوز الـ50 ألف ريال، وما تقدمه هيئة الترفيه هو إرهاصات لإعادة الفن، وعلينا الانتظار لنستطيع الحكم عليها، ويجب علينا دعمها، وإن كانت هنالك أخطاء، تُعالَج وتُصحّح، ويستمر العمل.
 

جميل محمود

 ولد في مكة المكرمة 1359
 موسيقار وضابط متقاعد
 تخرج في كلية الشرطة بمصر برتبة ملازم
 تعين في مطار الظهران مشرفا على جوازات المطار
 تدرج في المجال العسكري حتى تقاعد برتبة عقيد
 قدم أكثر من 1000 عمل فني متنوع الأغراض
 يحتفظ بـ600 عمل فني لم يظهر