إلحاح
لملمت خطاها على عجل محاولة اللحاق بالمركبة التي على مقربة منها، وقبل وصولها بخطوات غادرت المركبة.. انتظرت في المحطة حتى جاءت مركبة أخرى فاستقلتها، وحين وصلت إلى المكان الذي تقصده وجدت المكتب قد أغلق أبوابه، كانت تلك فرصتها الأخيرة في الحصول على وظيفة.. عادت أدراجها على أمل أن تعاود الكرة في صباح آخر..
أمل
يرسل الفجرُ خيوطه فيما هو جالسٌ على حافة السرير، في حالة يرثى لها؛ فالآلام عادت تداهمه منذ ثلاث ليالٍ لم يذق فيها طعم النوم، ففي هذه المرة لم تجدِ المسكنات شيئاً، فالمرض المخاتل يشتد عليه، برغم استئصال الجزء المصاب، كان يدرك أن الاستئصال لن يجدي، ولكن لابد أن يرضخ لرأي الأطباء...
كلما رأى ما طرأ من تغير على ملامحه من وهن، ومن علامات الهرم التي لا تلائم شابًا في سنه، عادت به الذاكرة سنوات قليلة إلى الوراء؛ حين كان يبدو شاباً وسيماً، نشيطاً، فتتجه عيناه اللتان تقاومان الدمع إلى السماء..
تعاسة
تنفست الصعداء عندما أخبرها أخوها أنه تسلم ورقة طلاقها.. فستفارق مرارة العيش وضنك الحياة، وقد طلبت منه مراراً أن يفك أسرها، فقد أذاقها الحنظل، برغم أن زواجهما كان عن حب، فقد كان زميلها في الجامعة، وبعد تمسكها به وإلحاحها تخلى أهلها عن معارضتهم لهذا الزواج، فتزوجته واستقرت معه ثلاث سنوات أنجبت خلالها ابنتهما الوحيدة، قبل أن تنقلب حاله، ويتخلى عن مسؤولياته، نصحته مراراً دون فائدة، فلم يكن أمامها إلا أن تفارقه، برغم ما سيسببه ذلك لها من انكسار أمام كل الذين عارضوا هذا الزواج، اصطرعت في داخلها مشاعر الرضا لهذا الفكاك، وخيبة الاختيار، والحزن على مستقبل طفلتها الذي لن يكون سعيدًا..
فائزة أحمد – السودان