قررت الإدارة الأميركية إيقاف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، التي يمكن أن توصف بأنها «وليدة تزاوج الكارثة بالفشل»، والمقصود بالكارثة هنا هو «النكبة»، وهو الاسم الذي أطلقه الفلسطينيون على تأسيس دولة إسرائيل على جزء من أراضي فلسطين التاريخية، التي كانت تخضع للانتداب البريطاني، مم

قررت الإدارة الأميركية إيقاف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، التي يمكن أن توصف بأنها «وليدة تزاوج الكارثة بالفشل»، والمقصود بالكارثة هنا هو «النكبة»، وهو الاسم الذي أطلقه الفلسطينيون على تأسيس دولة إسرائيل على جزء من أراضي فلسطين التاريخية، التي كانت تخضع للانتداب البريطاني، مما أسفر عن تشريد مئات الآلاف من الفلسطينيين منذ عام 1948.

والمقصود بالفشل في جوهره، هو عدم عدم وجود حل عادل للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، وسط التوسع في بناء المستوطنات الإسرائيلية، والأفق المتناقص باستمرار لاتفاق سلام.

فالقضية لم تعد تقتصر على اللاجئين الأصليين، أو الذين نزحوا منذ 1948، لكنها أصبحت أكثر تعقيدا، فهي تشمل أبناء اللاجئين وأحفادهم، بما يشمل 5 ملايين فلسطيني وهم من تُقدِّم لهم «أونروا» خدماتها.

إذا كنا في عالم آخر أكثر مثالية، كان المفترض أن يكون دور «أونروا» قد انتهى، لكننا لسنا في هذا العالم، بل في عالم تقوم فيه الوكالة الأممية بدور مهم في تقديم خدمات حيوية للاجئين في غزة وبيت لحم والأردن ولبنان وسورية، تشمل التعليم والصحة.

لا تقل أهمية قضية اللاجئين الفلسطينيين خارج الأراضي المحتلة، على الأقل في الأردن، حيث يوجد حوالي مليوني شخص مسجلين لدى «أونروا» كلاجئين، ويحمل كثير منهم الجنسية الأردنية الكاملة. لكن ما وراء التأثير الإنساني -وإمكان حدوث اضطرابات- هو أكبر مما هو غير ملموس على الإطلاق.

وفي حين أنه لا يوجد غموض على حقيقة أن إدارة ترمب، التي اعترفت من جانب واحد بالقدس كعاصمة لإسرائيل، إلا أنه من غير الواضح ما الهدف الذي يسعى ترمب ومن يستشيرهم إلى تحقيقه؟

لقد أوضح المسؤولون أنهم يرون تهديد الإدارة الأميركية بتخفيضات تمويل الفلسطينيين، هو بمثابة خطة لإقناعهم بالموافقة على صفقة سلام مفروضة من البيت الأبيض، تتماشى إلى حد كبير مع رؤية إسرائيل، وطريقة لتقليص عدد ضخم من الأشخاص الذين هم في الواقع لاجئون أصليون.

إن السؤال لا يحتمل سوى إجابتين أو نظريتين، على حد تعبيره، الأولى: هو أن الإدارة الأميركية تؤمن أن تلك السياسة يمكنها أن تجبر السلطة الفلسطينية على القبول بأي اتفاق، أما النظرية الثانية: فهي أن جاريد كوشنر الذي يدير هذا الملف واقعي، ويعلم أن ترمب لن يتمكن من تحقيق ما يعرف «بصفقة القرن».

وبينما تبدو إدارة ترمب على أهبة الاستعداد لتعزيز نهجها الأحادي الجانب بالفعل تجاه القضية الإسرائيلية-الفلسطينية، فإنها تثير احتمال حدوث ضرر بالدبلوماسية الأميركية في قضية سببتها بنفسها. ويبدو من المؤكد أن هذا سيبقى لمدى أطول من الوقت الذي قضاه ترمب في السُلطة، مما يبطئ قدرة الولايات المتحدة على العمل وسيطا في حل قضية الشرق الأوسط لسنوات قادمة.



بيتر بومونت*


 *كاتب صحفي بريطاني - صحيفة (الجارديان) - البريطانية