منطقة عسير أحد أكبر المناطق الحضرية في المملكة، وتتنوع مكوناتها البيئية والجغرافية والبشرية والتاريخية، ما يستلزم كثيراً من أساليب التعاطي والعمل والاستثمار

منذ انطلاق رؤية 2030 وما تحمله من نقلة نوعية في مستوى الخدمات المقدمة للوطن والمواطن ونحن نشاهد على أرض الواقع تحركا عمليا لتحقيق تلك الرؤى والأهداف، بين تنفيذ حقيقي أو جدولة زمنية لما سيأتي أو خطط ومشاريع نهضوية قادمة، كان نصيب منطقة عسير من هذه المشاريع التي أعلن عن استكمالها في النقل والصحة والشؤون البلدية، خلال مؤتمر صحفي كبير عقد الأحد المنصرم برعاية أمير منطقة عسير الأمير تركي بن طلال، ومشاركة الوزراء المعنيين، وحضور جمع من مواطني المنطقة.

قبل الحديث عن أهم ما ورد في هذا المؤتمر – وجميعه لسكان منطقة عسير مهم - علينا كمواطنين أن نتذكر عبارة مهمة قيلت من عراب الرؤية وقائد التغيير ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حينما أطلق رؤية 2030: «لن ننظر إلى ما قد فقدناه أو نفقده بالأمس أو اليوم، بل علينا أن نتوجه دوما إلى الأمام»، وأن نستحضر المعني فيها: فلا الوقوف على أطلال الماضي والتوقف عنده يلزم في حراك التغيير، ولا الطموح سيقل عن النظر للأمام والبقاء في المقدمة. التعثر بحساب عثرات الماضي وعراقيله ليس إلا حيلة العاجز عن تقديم ما يفيد في هذه الرؤية وما يدعم مثل هذه المشاريع.

منطقة عسير من أكبر المناطق الحضرية في المملكة الممتدة والمأهولة بالسكان على امتداد مساحة 180 ألف كيلو متر مربع، تتنوع في هذه المساحة المكونات البيئية والجغرافية والبشرية والتاريخية، ويستلزم هذا التنوع كثيراً من أساليب التعاطي والعمل والاستثمار، وهذا ما لمسناه من حراك مستمر من أمير المنطقة في جولاته التفقدية وتلمسه للاحتياجات، ورصده لما ينجز وما تحتاجه المنطقة.

الصحة في عسير من أهم الاحتياجات الفعلية للمواطنين، خاصة وهي تخدم كل تلك المساحة الشاسعة، وقد تصب فيها أيضا احتياجات المناطق القريبة من خارج عسير. ودائما ما يحتاج المرضى بالأمراض الكبرى والمتقدمة كالأورام السرطانية وأمراض القلب والعيون والأعصاب التحويل للمستشفيات التخصصية المركزية في الرياض أو جدة. في حفل إعلان استكمال مشاريع عسير الذي عقد الأحد جاء الإعلان عن استكمال مشروع مدينة الملك فيصل الطبية ليكون مستشفى تخصصيا يخدم المواطنين في جميع التخصصات، ويكون مرجعا طبيا للمنطقة الجنوبية، كما ذكر وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة.

وفي مساحة سكانية كبيرة ممتدة كمنطقة عسير يشكل التنقل هاجسا آخر للمسؤول والمواطن، فالاعتماد على التنقل البري بين مختلف المحافظات والقرى والهجر الجنوبية لعسير وما حولها يحتاج عبور مناطق صحراوية أو جبلية، عبر عقبات تربط رؤوس الجبال بالسواحل. وجاء الإعلان عن مشاريع الطرق المحورية، وأهمها افتتاح عقبة جديدة تخدم المناطق الجنوبية بمسارات واسعة، من تلمس احتياجات السكان والأعمال التجارية والعسكرية، وتسهيل التنقل وتخفيف الضغط على المسارات الموجودة حاليا والتي تشهد ازدحاما مستمراً. كما أن الإعلان عن توسعة مطار أبها الإقليمي بزيادة السعة الاستيعابية أمر بالغ الأهمية، خاصة في فترة الصيف التي تشهد إقبالا ومواعيد انتظار طويلة من السائحين من داخل وخارج المملكة.

تنوع منطقة عسير المذكور آنفا، لا يفقدها هويتها المميزة ولا طابعها المختلف عن بقية المناطق والأماكن السياحية حول العالم. الحفاظ على هذه الهوية باتزان لا يفقد عسير مواكبتها للتحضر والتطور العمراني ولا يبقيها في فخ التقليدي والنمطي والمكرر، ما يعد تحدياً كبيراً أمام وزارة الشؤون البلدية والقروية والجهات المباشرة المرتبطة بالواجهة الحضرية لمنطقة عسير. والإشارة لأنسنة المدن في حديث وزير الشؤون البلدية المكلف الدكتور ماجد القصبي مفصل مهم في هويات المدن عالميا، وترتبط بارتباط وثيق مع أهداف رؤية 2030 التي تسعى لتجويد حياة المواطنين وإسعادهم.

جميع هذه العناصر التي تحتاجها منطقة عسير من مشاريع لجهات مختلفة أعلنت الآن أو ستعلن لاحقا، جميعها تحتاج الاتساق بينها والعمل بروح الفريق الواحد، كما ذكر أمير منطقة عسير في كلمته في ذلك الحفل. فالعمل بروح الفريق وبخطواته المدروسة والواعية يضمن تحقيق النجاح باستكمال المشاريع في الفترات الزمنية المحددة، ويضمن التكامل بين الوزارات المختلفة والإنجاز بين جهات العمل في الوزارة الواحدة، ويحقق الرؤى المنشودة والطموح الكبير المعقود على ناصية هذا المواطن والوطن، والذي تسعى القيادة الحكيمة لتحقيقه بشدة وإصرار لا يحتمل المتأخرين ولا المثبطين. إعلان مشاريع عسير بسياسة روح الفريق هو الدافع للانتظار بفأل وعطاء يتناسب مع روح المرحلة المقبلة نحو الأمام ولا شيء غيره.