ولأن السحابة لم تتجاوزنا، فلا يصح اليوم للقلم أن يغفل أو يتجاوز حجم السحابة. نحن لا نقول للسحب أن تجف، فذاك ديدنها في أستراليا وتولوز وسواحل أميركا الشرقية، وكأن الشهر الأخير قصة كوارث وزعت ذيولها بالعدالة. ومنظر العروس مساء الأربعاء، لم يكن قصة الأمس، بل قصة ابتدأت منذ أربعين سنة، وكم أشفقت على مسؤولي الميدان، مساء الأربعاء وهم يرثون هذا الحمل الثقيل ويمسحون في وجوههم كل تلك الأخطاء المتراكمة.
هي كل قصة الجشع وانعدام المسؤولية. وإذا كان بالمدينة مئتا ألف منزل عشوائي في نصف مدينة كامل عشوائي انتهى بناء آخرها منذ نصف عقد من الزمن، فمن يتحمل سواد هذه الكارثة؟ من هو الذي يستطيع أن يراقب مخالفة مئتي ألف مواطن؟ وأي قوة رقابية هي تلك التي كان باستطاعتها أن تسهر لوقف هذا الزحف المجنون إلى المخالفة والجشع؟ من هو الذي منح كل تلك الآلاف من البيوت العشوائية والمئات من الأحياء العشوائية صكوك الملكية؟ نعم، وكما نطالب بمحاسبة المسؤول الذي أوصلنا خلال عقود متراكمة إلى هذه الكوارث، فإن الحق يطلب أيضاً أن نقول بالحرف: إن المواطن أيضاً يتحمل مع المسؤول نصف هذه القصة المؤلمة. وبكل صدق، فلولا المواطن الفاسد لما كان على الطاولة الأخرى أيضاً ذلك المسؤول الفاسد. وما بني على الباطل يجب أن يدك وينتهي إلى الباطل. وبالإضافة إلى مطالبتنا أن يتحمل كل مسؤول مر على هذه المدينة منذ أربعة عقود جزءاً كبيراً من المحاسبة، فإن المنطق أيضاً يقول بهدم هذه العشوائيات ومصادرتها تماماً ودون حتى الحد الأدنى من التعويض أو المكافأة. من وضع يده عبثاً على متر من الأرض فعليه أن يدرك أن هذا المتر لم يكن له في الأصل. نحن بمكافأتهم وتعويضهم نصادر أدنى حدود العدالة، فما هو ذنب المواطن النظامي الذي يدفع الألف في المتر في الحي النظامي إذا كان له أن يتحمل خطيئة هوامير العشوائيات في النصف الآخر من المدينة؟ هؤلاء هم من يجب أن يدفع فاتورة السحابة.