لا شك أن ثورة الاتصالات والانفجار الرقمي والفضائي جعلا العالم بأسره؛

لا شك أن ثورة الاتصالات والانفجار الرقمي والفضائي جعلا العالم بأسره؛ بأخباره المتلاحقة والمتأججة بين يدي المتلقي يقلبها كيف يشاء؛ ويتابعها لحظة بلحظة.. لتدخله قلب الحدث الساخن وتحت سمائه المكفهرة وهو في عقر غرفة معيشته؛ ليتعاطف مع أخيه الإنسان ويشعر بمعاناته أينما كان موقعه! لا شك أيضا أن معايشة الأحداث الساخنة آنيا والتفاعل معها تجربة جديدة على الوعي والوجدان الإنساني، وتستحق أن تفرد لها الدراسات المعمقة لمعرفة نتائجها وما تحدثه من آثار بليغة في نفوس المتلقين ومكوناتهم الوجدانية والشعورية! فها هو جسد محمد البوعزيزي الملتهب احتجاجا أمام بصر العالم وسمعه، يحرك الكامن من المطالب المشروعة بالحرية وحق الإنسان في الحياة الكريمة، لتنتقل ثورة الياسمين في تونس إلى احتجاجات في الشارع المصري، ليردد ذات الهتافات ويستعير منها بعض عباراتها ـ بحذافيرها ـ، ولتتحول على يديه إلى أيام غضب يتابعها العالم بأسره اليوم وهو يحبس أنفاسه!
دهاليز الفيسبوك وأزقة التويتر وغيرهما من مواقع التواصل الاجتماعي؛ التي شهدت زفرات الشباب ومعاناتهم مع الفقر والبطالة؛ وصُنعت داخلها ثورتهم العفوية غير المسيسة، تؤكد لنا أننا أمام وعي عربي شبابي جديد على الجميع أن يدرك أبعاده ويتعاطاه بناء على مفرداته الجديدة. فاليوم المراهق الصغير قبل الشاب يعي ويفهم معنى الحقوق والمطالب الحقوقية التي كرس لها عصر العولمة وثورة الاتصالات.
تعدد الروافد ومصادر استقاء المعلومات والإعلام الجديد، خلقت وستخلق المزيد من المتلقين الواعين بأبعاد اللعبة الإعلامية، وستساهم في تكوين العقلية النقدية التي تغربل وتسائل المعلومة؛ بل وحتى لغة الخبر وكيفية صياغته!
ختاما: أحيي الإعلامي القدير (محمود سعد) على احترامه لنفسه ومشاهديه برفضه أن يخرج عليهم بما يخالف قناعته وما رأى أنه لا يعكس لهم الحقائق. فالحقيقة لا تصل إلا بعرض الصورة بكافة تفاصيلها وأبعادها!