اعتدنا أنه عندما تتحدث الجهات المسؤولة عن القوة الشرائية لما في جيوب المواطنين واستقرار أسعار السلع، فإنها دائما ما تلقي باللائمة على العوامل الخارجية، وبالتالي فإن ظاهر الأمور يبين للمواطن أن هذه الجهات المسؤولة قد أدت عملها على أكمل وجه.. أنه ليس هناك من سبيل لمكافحة التضخم الذي يفتك بذوي الدخول المحدودة.
أما على الجانب الآخر، فنجد أن المواطن بات يولي التضخم اهتماما متزايدا، خصوصا في السنوات الثلاث الأخيرة، فالتضخم الإجمالي على مدى أكثر من عشر سنوات بدءا من عام 1995 وحتى العام 2006 لم يتعد 11%.
أما في الأعوام القليلة التالية، فقد وصل إجمالي التضخم إلى نحو 30% في خمس سنوات فقط. وتشير توقعات المحللين إلى أن الأسعار سوف ترتفع بنسبة 6% في هذا العام.
لهذا السبب تتزايد شعبية مطالب تعديل سعر صرف الريال مقابل الدولار. فالمواطن لا يفكر في كافة الأبعاد الاقتصادية لمثل هذا القرار، إنما هو معني أكثر بقدرة راتبه على تلبية احتياجاته العائلية.
كون السعودية تعتمد على استيراد معظم ما تستهلكه من الغذاء، فإنها بالتالي أكثر عرضة لتقلبات الأسواق العالمية.
وتتوقع منظمة الغذاء العالمي ارتفاعا في أسعار الغذاء لهذا العام، فالشتاء القاسي الذي ضرب النصف الشمالي قد يؤثر في كمية الإمدادات، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج والنقل نتيجة لارتفاع أسعار النفط لما فوق المئة دولار.
وفي آخر تصريح لمحافظ مؤسسة النقد ، فقد وصف معدل التضخم بأنه مستورد، وأن سببه التقلبات السريعة لأسعار السلع والمواد الأولية في الأسواق العالمية، وضرب مثلا على هذه التقلبات الحاصلة في أسعار البصل التي ارتفعت بما يصل إلى نحو 400%! عندما أقرأ كل التصريحات والمعطيات السابقة، يتبادر إلي سؤال يقول: لماذا لا نقوم بزراعة البصل لنتفادى التقلبات الحاصلة والمتوقعة في أسعاره العالمية؟
نحن بالفعل بحاجة إلى استراتيجية شاملة لمكافحة التضخم تقوم بوضع خطوط للدفاع عن الريال السعودي، فتقوم بتخفيض اعتماد اقتصادنا على الواردات التي يمكن إنتاجها محليا.
فمعظم الواردات التي تصلنا بشكل منتج نهائي يمكن تخفيض أسعارها إن قمنا بالاستثمار في جزء من سلسلة إنتاجها محليا. خط الدفاع الثاني يكمن في ضبط الأسعار عن طريق تحديد هوامش ربح التجار، بالإضافة إلى معالجة عوامـل التضخم المحلية التي يمكن اختزالها في أسعار الأراضي. كل تضخم بعد خطوط الدفاع هذه يكون خارجا عن السيطرة كونه ارتفاعا حقيقيـا في تكاليف الإنتاج، ولكن يمكن معالجته بالزيـادة المباشرة في رواتب الموظفـين.