يجب ألا نغفل عن الأسباب الاقتصادية المؤدية إلى العنف الأسري، ولنا في ذلك شواهد خطيرة جداً ذات أثر سلبي كبير على استقرار المجتمع وأمنه ومنها ضياع مدخرات المجتمع في القمة والقاع

رعت صاحبة السمو الملكي الأميرة عادلة بنت عبدالله لقاء الخبراء الثالث للبرنامج الوطني للأمان الأسري وذلك لتسليط الضوء على أهمية الجانب الأمني لهذه القضية، كونه صمام الأمان للحدّ من التداعيات التي قد تمس استقرار الأسرة حيث أوضحت حفظها الله مساهمة عدة جهات في تنفيذ ما يقارب (60%) من التوصيات التي صدرت عن اللقاءين الأول والثاني، مدللة على أن أمان الأسرة واستقرارها قضية مجتمع بكافة مؤسساته وعلى جميع مستوياته.
ونوهت ببعض الجهات التي تفاعلت مشكورة مع توصيات اللقاءات السابقة وبذلت جهوداً طيبة في تحقيقها مثل وزارة التعليم العالي، وزارة الشؤون الاجتماعية وزارة الداخلية ممثلة بالأمن العام، وزارة الصحة، ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف.
وأشارت إلى تنظيم البرنامج لندوات، بالتعاون مع مركز القانون السعودي للتدريب، بعنوان دور المؤسسات الأمنية والقضائية في مكافحة العنف الأسري أقيمت في عدة مناطق في المملكة، بهدف رفع مستوى الثقافة الحقوقية لدى كافة شرائح المجتمع، والسعي إلى توضيح دور المؤسسات القضائية والأمنية في مكافحة العنف، وما يترتب عليه من تبعات خطرة ما لم تباشر الجهات المعنية مهامها في حماية الضحايا ومعاقبة المعنفين.
وأكدت حفظها الله بأن الندوات قد أحدثت حراكاً اجتماعياً ورسمياً إيجابياً ومشجعاً لتدارس الآليات والإجراءات الملائمة للتعاطي مع بلاغات العنف الأسري، وتأمين الحماية للمتضررين، ورصد قاعدة معلومات تساعد في التعرف على التحديات والمعطيات التي يستدعي التعامل معها.
وأوضحت للحضور الذي تقدمه معالي وكيل وزارة الداخلية أن المملكة انضمت إلى اتفاقية حقوق الطفل عام 1996م، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة عام 2000م، مع التحفظ على بعض البنود التي رأت أنها تتعارض مع الشريعة الإسلامية، كما أوضحت حفظها الله أنه بهذه الالتزامات الدولية والتزامنا الأهم بالتعاليم الإسلامية السامية والمبادئ العربية الأصيلة، يتعين علينا تكثيف جهود القطاعات المعنية، لتطبيق ما يحقق تدعيم أواصر الأسرة وتعزيز توازن العلاقات بين أفرادها وضبطها.
ولقد شارك في اللقاء عدد من المتخصصين من الأمن العام والقضاء والعدل وهيئة التحقيق والادعاء العام والقانون والمحامين والمستشارين القانونيين. وكانت هناك أوراق عمل هامة عن دور وزارة الداخلية قدمها معالي الدكتور أحمد السالم، وعن الأمن العام قدمها العقيد الدكتور نايف محمد المرواني، وعن القضاء قدمها فضيلة وكيل وزارة العدل الدكتور عبدالله السعدان.. وكذلك عن الأنظمة القضائية، وعن مجمل الأدوار الخاصة بالمؤسسات الأمنية والقضائية ومنها هيئة التحقيق والادعاء العام.
وخرج المشاركون بالتوصيات المبدئية التالية :
1. الإسراع بإعداد دليل إجرائي مشترك للتعامل مع قضايا العنف الأسري يشمل كافة الجهات المعنية بالوقاية والتصدي للعنف الأسري.
2. التوجيه للنظر في بعض الإجراءات المتبعة لدى بعض الجهات الأمنية والتي تعيق وصول الخدمات لضحايا العنف الأسري.
مثل: منع دخول رجال الأمن للمنازل – اشتراط وجود محرم عند تلقي البلاغ أو الاستجواب – إسقاط الحق العام وغلق ملف القضية عند تنازل الضحية عن البلاغ.
3. التوسع في إنشاء لجان للحماية الاجتماعية في كافة المدن والمحافظات وعدم الاقتصار على المحافظات الكبرى مع نظر جدوى إنشاء شرطة مجتمعية على غرار ما هو قائم في العديد من الدول العربية والأجنبية.
4. ضرورة اشتمال استراتيجيات الأمن الوطنية على بند يتعلق بالحماية من العنف الأسري لكونه أحد الجذور الرئيسية للإرهاب.
5. تطوير قاعدة بيانات وطنية متكاملة تضم قاعدة بيانات لقضايا العنف الأسري المسجلة في القطاع الأمني مشتملة الرصد والتوثيق وتشجيع الباحثين من القطاع الأمني على إجراء دراسات أمنية متخصصة في هذا المجال.
6. التأكيد على ضرورة تأهيل العاملين في القطاعات الأمنية على التعامل مع قضايا العنف الأسري بصورة جادة بمقتضى أحدث الدراسات والبرامج التدريبية في هذا المجال.
وبعد هذه التوصيات الرائعة التي سيساهم تطبيقها في الحد من ظاهرة العنف الأسري، ما زال البحث عن أسبابها مستمراً حتى يتم القضاء عليها بإذن الله.
فيجب ألا نغفل عن الأسباب الاقتصادية المؤدية إلى العنف الأسري، ولنا في ذلك شواهد خطيرة جداً ذات أثر سلبي كبير على استقرار المجتمع وأمنه ومنها ضياع مدخرات المجتمع في القمة والقاع والمقدرة بثلاث تريليونات ريال في سوق الأسهم، وعدم شعور المواطن بنتائج وانعكاسات الميزانية وفوائضها خلال السنوات الخمس الماضية والمقدرة أيضاً بثلاث تريليونات ريال، يضاف إلى ذلك وجود مليون عاطل عن العمل، ووجود (90%) من المجتمع تحت طائلة ديون البنوك والتي ستزداد مع إقرار قوانين الرهن العقاري التي تفسر من الناحية القانونية بأنها قرض لكل مواطن وليس مسكن لكل مواطن، خاصة بعد أن وصل مستوى سعر المتر الواحد للأرض على مستوى البلاد إلى (2000) ريال ومتوسط الدخل الحقيقي لا يتجاوز (5000) ريال محملة بأعباء غلاء المعيشة وقروض البنوك تجعل حلم (75%) من المواطنين بشراء المنازل حلما بعيد المنال، يضاف إلى ذلك جهود السعودة والتوطين وخطط التوظيف التي ركزت على توظيف شباب الوطن حراس أمن وسائقي ليموزين وبنات الوطن في محلات بيع الملابس، وهي وظائف دنيا تعزز الفقر وتنمي الطبقة الفقيرة التي يكثر وينمو فيها أثر البعد الاقتصادي للعنف الأسري ويعزز ذلك بكل أسف وجود مليون مستحق لدى وزارة الشؤون الاجتماعية.
كل ذلك يجعل للبعد الاقتصادي أثرا كبيرا جداً في انتشار الجرائم والعنف الذي لم تخل منه كل من الطبقة الوسطى والثرية ولكل منها نصيب من الأثر الاقتصادي العام، حيث أتطلع أن يكون الموضوع الاقتصادي هو محور الملتقى الرابع لخبراء مكافحة العنف الأسري.