النسونة فن، ولكن للأسف لا يجيده شباب (النعرات)، أقصد (الثورات) العربية

النسونة فن، ولكن للأسف لا يجيده شباب (النعرات)، أقصد (الثورات) العربية، فحينما يقع أحدهم في يد الجزار الأمني وتثقب أذنيه صرخته المدوية: (قول أنا مرة)، تجده متشبعاً بالرجولة إلى درجة الخرس، وربما قطع الجزار رقبته لكنه أبداً لا يتنازل عن رجولته!. هذا النموذج أرشحه بجدارة للانضمام إلى سلاح حرس الحدود في كل أوطاننا العربية؛ لأن هذا السلاح يتطلب جندياً يتسم بميزات خاصة جداً، أهمها الثبات على مبدأ الرجولة وعدم التحول بين صفعة وأخرى، أو صعقة كهربائية وأخرى، إذا ما وقع أسيراً، إلى امرأة تفشي أسرارها وأسرار أمها وأبيها وأختها وأخيها ووطنها وبنيها من أول (نحنحة)!، وهذا ليس تقليلاً – لا سمح الله – من شأن المرأة، ولكن طبيعتها الرقيقة، ربما لا تتحمل مجرد نظرة السجان فـ(يسيب) لسانها، وربما لكونها ثرثارة بطبعها، وخيالها الحكائي يمتد – ما شاء الله – من (العبقرية) شهرزاد إلى (العقربية) بنات الرياض، تتبرع بإفشاء هذه الأسرار دون نظرة أو (شخطة)!.
وبالتأكيد لا نعمم هنا، بل لدينا من النماذج النسائية المشرفة من يبعثن دائماً على التفاؤل، ولعل في الفدائية الجزائرية جميلة بوحيرد وغيرها من المناضلات العربيات الشريفات (الرجال بمعنى الكلمة)، ما يؤكد أن ضعف المرأة بمعناه القبيح هو مجرد استثناء لا قاعدة، وأن محاولة الربط بين ارتفاع معدل إصابة النساء بـ(السلس البولي) و(الثرثرة) في الروايات النسائية ما هي إلاّ ذريعة (جافة) لإلقاء هذه الأعمال الأدبية (المبلولة) إلى أقرب (منشفة)، ليس أكثر!.
فالرجال الحقيقيون والنساء الحرائر – إذن - لا يبيعون أنفسهم بأي ثمن، حتى لو أزهقت المدافع أرواحهم في ميادين الحرية، وأولئك هم النموذج المثالي للإنسان الذي لا يجيد فن النسونة - رجلاً كان أم امرأة.
أما خلف الكيبورد، فهناك نموذج آخر من رجال هذا الزمان، رجال يعشقون النساء بحق، لا على طريقة عنتر وعبلة، أو المجنون وليلى – معاذ الله – ولكن على طريقة (الحنية) و(السهوكة) و(الدلع) و(الفبركة)، معتقدين أن براعتهم في مخاطبة الآخرين على أنهم فتيات (جميلات)، أو نساء (وحيدات)، هو نوع من (إشباع) الذات!، ثم يعيثون فساداً في قلوب وعقول أبنائنا الذين مازالوا على حافة (النسونة)، أبنائنا الذين أغلقنا في وجوههم كل النوافذ، فافترشوا قلوبهم وجلسوا يتسولون الحب على أبواب غرف الدردشة!.
ولكني – على الرغم من هذا كله – أرى في هذه النماذج التي تُغضب من يرى في سلوكهم هذا نقصاً ومرضاً فوائد أخرى، ربما أهمها أنهم يستطيعون أن ينتشلوا المسرح السعودي من الغرق، ويمدونه بـ(قُبلة) الحياة ليظل على قيدها، على الأقل حتى نرى على خشبته امرأة حقيقية تعرض قضايا المجتمع بلسانها هي لا بلسان (متنسون) يخدش الأذن ويشوه المشهد كاملاً!.