كانت المرة الأولى التي أقضي فيها رمضان بالمملكة العربية السعودية عام 2000، وذلك عندما وصلت إلى الرياض في أول وظيفة دبلوماسية لي، كسكرتير ثانٍ بالسفارة الأسترالية. وخلال السنوات الثلاث التي تلت، استمتعت بتقاليد شهر رمضان مع العائلة والأصدقاء في الرياض ومكة المكرمة والمدينة المنورة، خلال وجبات الإفطار والسحور، وصلاة التراويح، ثم الاحتفال بعيد الفطر بعد انتهاء الشهر الفضيل.

عدت إلى المملكة مرة أخرى في يونيو 2018، سفيرا لأستراليا، وإنه لشرف كبير أن تتاح لي الفرصة مرة أخرى للاستمتاع برمضان في المملكة العربية السعودية مع أصدقاء وزملاء جدد.

إن شهر رمضان الفضيل يمثل وقتا للتأمل في الذات والتسامح والتجديد الروحاني. يتيح شهر رمضان للصائمين فرصة مهمة للتوقف والتفكير في الأشياء التي عدّوها من المسلمات، وإعادة التركيز على العقيدة، وإعادة توجيه قلوبهم إلى الإحسان، ليعيشوا تجربة حياة الذين هم أقل حظا منهم.


شهر رمضان هو وقت خاص لمساعدة ودعم المحتاجين، وأيضا وقت للتجمع مع العائلة والأصدقاء، للاحتفال بمبادئنا الإنسانية المشتركة.

إن عادة تقاسم ومشاركة الطعام في جميع الديانات، والتي تجمع أشخاصا من أصول متعددة معا، تؤسس لروابط عبر ثقافات المجتمعات، وتبني أواصر تفاهم جديدة.

يعد شهر رمضان -أيضا- وقتا مهما من العام لمسلمي أستراليا البالغ عددهم 600 ألف، إذ يجتمع المسلمون وغير المسلمين معا على وجبات الإفطار في رمضان، بجميع أنحاء أستراليا، ويتشاركون روح الصيام والعطاء.

وخلال شهر رمضان تعمّ أجواء احتفالية نابضة بالحياة، منها على سبيل المثال في سيدني، حيث توجد ضاحية تسمى لاكمبا يعيش فيها مجتمع مسلم كبير جدا، يضم المسلمين من جميع أرجاء العالم، بما في ذلك من الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا.

تستضيف ضاحية لاكمبا مهرجانا للطعام على مدى الشهر، ويسمى ليالي رمضان، إذ يقوم بائعو الطعام بالطهو في ممرات المشاة، وتتدفق الحشود عبر الشارع الرئيس لتناول وجبة الإفطار، خلال مجموعة واسعة من المأكولات التقليدية والعالمية. ويجذب هذا الحدث أعدادا كبيرة من الأستراليين، بما في ذلك عدد من غير المسلمين. وهذا مثال رائع يعكس كيف يجمع شهر رمضان الناس معا بروح الصداقة.

إن شهر رمضان هو شهر خاص حقا، وبالإنابة عن أسرتي وجميع موظفي السفارة الأسترالية، أتمنى بكل إخلاص للجميع رمضان سعيدا آمنا مباركا.

رمضان مبارك!

* المبعوث الخاص لمنظمة التعاون الإسلامي