ظهر عائض القرني في لقاء تلفزيوني، قال فيه جملة مهمة «أنا بشر ولستُ نبيّا». أعطاني قوله هذا رغبة مُلحّة في كتابة هذا المقال.

«أنا بشر ولستُ نبيّا»، اُنظر وتمعّن فيها جيّدا أيها القارئ، بل اذهب الآن إلى سماعه وهو يقولها، ستتنبه لأمر مهم، وهو أن جزءا من الخطأ عائد إلى القرني ولمن هم في حدود دائرته، ولذلك هَمّ بالاعتذار دونما أي تردد، ولكن ما تنبهت إليه -بينما عبارته هذه تتردد في أذني- وترتطم في زوايا رأسي، وتعبر مثل شريط أخبار أمام عيني، أن الخطأ الأكبر يقع على عاتق من كان يتبعه هو وأمثاله، إذ يُرفع من شأنهم، ويُقدس من أقوالهم، ولو أن الجميع وقف أمام هؤلاء برفض قويّ قاطع، لما اعتذر ولما حصل هذا اللقاء.

لعلكم قد فهمتم الآن أن الخطأ مقسمٌ هنا على فئتين: على أصحاب الفتاوى التي كانت فتاواهم ومواعظهم سبب بؤسنا. وعلى من اتّبعهم منّا وأعطى لهم بذلك حق الاستمرارية، فارتفع شأنهم ونالت منا منزلتهم.

هؤلاء ليسوا إلا بشرٌ يخطئون ويصيبون، وواجبنا تجاه ذلك أمران: الأول تخطئة من كان خاطِئًا، والثاني: عدم اتباعه، وهذا لا يحصل إلا إذا تخلّص الإنسان من هوس اتباع من يعتقد أنهم مقدسون، ولا يتحرر من هوسه بهم إلا بالقراءة والبحث وكثرة السؤال، كي لا يصبح عقله فريسة سهله لأفكارهم وأقوالهم التي لا تمتّ إلى الإسلام بأي صلة، وكي لا نكرر العيش أسفل صخرتنا المظلمة مجددا، بعدما قمنا في السنوات الأخيرة بتحطيمها.