قابلت الدكتور محمد الحصيني مرة واحدة فقط خلال فترة إيفاده لملحقيتنا في لندن، لكنني رأيت توقيعه على معاملات عدة لي كرئيس مبتعثي الخدمة المدنية، وأنا واحدة منهم.

الدكتور الحصيني لمن لا يعرفه هو أحد قيادات وزارة التعليم الذين أسسوا مادة الوطنية، وهي المادة التي جاءت في وقت كنا لا نستطيع فيه إنشاد السلام الوطني في الطوابير الصباحية، أو رفع علم المملكة بسبب ضغوط الشر من الصحوة الظالمة التي حاولت بكل ما استطاعت إبعادنا عن حب هذا الوطن وقيادته.

لا أعرف حقيقة ظروف ظهور هذه المادة، أو ما الذي دفع صاحب فكرتها الدكتور محمد للتفكير بأهميتها في ذلك الوقت العصيب، أو كيف تجاوز قيادات الإخوان في الوزارة واستطاع الدفع باعتمادها، ولعل إحدى القنوات تستضيفه لتستنطقه حول هذا المشروع الذي وإن اختلفنا حول تأثيره إلا أنه كان نباتا وطنيا يستحق الفخر بإنجازه.

أكتب هذا المقال عن الدكتور بعد أشهر من تقاعده لأقول إن أفكار مادة الوطنية جسدت في تعامل هذا الرجل معنا كمبتعثين عانينا كثيرا ماديا ومعنويا بسبب ضغوط الدراسة والحياة في بلد كبريطانيا لا يخلو من متصيّدي أي خلاف بين طالب سعودي وأحد الموظفين في ملحقية بلاده، لدرجة أنك قد ترفض لك معاملة لسوء فهم منك أو من الملحقية للإجراءات، فتتلقى اتصالا من قناة بي بي سي يسألك مذيع عربي هل ترغب في المشاركة عما يعانيه الإعلامي السعودي أو المرأة السعودية، في الحقيقة قليل من ينجو من فتنة الغضب، وهذا القليل أنا متأكدة أنهم وجدوا أبا وأخا ناصحا ومساندا كمحمد الحصيني الذي ردد عليّ كثيراً عبارة «إذا كان النظام يقول: لك حق في شيء، فستأخذينه»، وهو ما يحدث عادة حيث رفض معاملات إيقاف صرف، وترك تعليقه على إقفالها بقوله «هذا الإيقاف يخالف النظام وعلى أساسه تقفل المعاملة»، في رأيي إن المسؤول الذي يضع النظام أولا ثم روح الصبر والرحمة ثانيا هو المسؤول الوطني الذي سيبقى دائما في ذاكرتنا، ويجعلنا نعرف أن الوطنية ليست صف كلام، بل واقع يفعّل كما جسدته أفعال صاحب الوطنية محمد الحصيني.