يشير مفهوم الإستراتيجية إلى آلية تحقيق الأهداف بعيدة المدى، وهو مفهوم عرف في السابق بارتباطه بالمجال العسكري، واليوم نرى أنه أصبح خارطة طريق لمجالات أخرى كـ(الإدارة، والاقتصاد، والسياسة)، وهو ما تقوم به الإدارة الإستراتيجية لتحقيق الهدف الأساسي والنجاح المستمر والمستدام، من خلال التكامل بين مهام ودور الإدارات الأخرى كـ(المعلومات، والنظم، والتمويل والتسويق والإنتاج). كما أن الإستراتيجية تهدف إلى خلق بيئة مغايرة ومختلفة لقطاع الأعمال والتجارة من خلال الاستعانة بالخطط المدروسة التي بدورها تصنع مسارا ورؤية مستقبلية واضحة. وقد سبق مفهوم الإستراتيجية مفهوم الإدارة التي تعنى بطريقة التفكير وأسلوب الإدارة والمنهجية في صنع القرارات الإستراتيجية للمشاريع الاقتصادية، فهي تمثل منظومة من العمليات المتكاملة ذات العلاقة بتحليل البيئة الداخلية والخارجية وصياغتها. فالإستراتيجية هي نتاج خطة معينة ورسم مسار مستقبلي في اتجاه هدف معين بمواصفات معينة، من خلال تحديد العوامل الداخلية والخارجية التي تؤثر بطبيعة الحال في نقاط القوة، والحد من عوامل نقاط الضعف. يقول جيمس بريان كوين (الإستراتيجية هي نمط أو خطة تعمل على تكامل أهداف المنظمة الكبرى وسياساتها وأعمالها في شكل واحد متماسك، والإستراتيجية المصممة جيدا تساعد على ترشيد ورصد الموارد ووضعها في المناطق الحساسة بناء على معرفة القدرات الداخلية ونقاط الضعف وبناء على توقع المتغيرات). ويؤكد مايكل بورتر الخبير الإستراتيجي، الأستاذ في كلية هارفارد للأعمال، على ضرورة وضع إستراتيجية لتحديد موقع المنظمة الفريد والتواصل معه، ويقول إنه يجب أن يحدد كيفية الجمع بين الموارد التنظيمية والمهارات والكفاءات لخلق ميزة تنافسية. كما يعرف التفكير الإستراتيجي بالفكر الذي ينتهجه أصحاب القرار في توجيه الأعمال والعمليات الإدارية في تطوير عجلة العمل، والمضي بها قدما نحو النجاح ومواجهة أي عوامل متغيرة قد تطرأ على المنظمة من أزمات وغيره، وهو تفكير تطويري لا إصلاحي كونه يحمل رؤى مستقبلية بمعطيات من الحاضر لبلورة إستراتيجية البيئة الخارجية والداخلية، ويسمى تفكيرا استباقيا متعدد الرؤى والزوايا. وما تشهده اليوم المملكة من تطور من رؤية 2030 التي هي بمثابة خطة (إستراتيجية طموحة) لأكبر حدث اقتصادي واجتماعي في تاريخ المملكة، ترسم خارطة طريق نحو اقتصاد قوي وطموح لتحقيق أهداف المملكة في الاستثمار والتنمية الشاملة المستدامة والمتوازنة، وتوجيهها نحو تنويع اقتصادها بشكل قوي. كما أن الرؤية تعتمد على 3 محاور وهي: (المجتمع الحيوي، والاقتصاد المزدهر، والوطن الطموح)، ومما لا شك فيه أن هذه المحاور هي بمثابة تنسيق تكاملي في ما بينها لتحقيق الأهداف المرجوة. وختاما أستشهد بمقولة سيدي ولي العهد (إن قصص النجاح دائم ما تبدأ برؤية، وإن أنجح الرؤى هي تلك التي تبنى على مكامن القوة).