لا بد من التركيز على المقاصد الكلية للرسالة الخاتمة والشريعة الكاملة التي جاءت بها، مع مراعاة المقاصد الجزئية والتفصيلية، دون أن تبقي الفكر الإسلامي المقاصدي حبيس الدائرة الضيقة.

وذلك حتى لا يحصل الخلل والمضاعفات، ويورث كثيرا من التخلف والعجز، والحياة العبثية في المجالات المتعددة، والضلال عن تحديد الأهداف، ومن ثم انعدام المسؤولية وغياب ذهنية المراجعة والنقد الإيجابي للتقويم المستدام.

لأن الأصل في العقل المقاصدي أن يكتشف الطاقات، ويحمي من الإحباط والخلط بين الإمكانيات والأمنيات، فغاية المقاصد انعكاسها على جميع جوانب الحياة الفردية والاجتماعية، ويحقق الانسجام بين قوانين الكون ونواميس الطبيعة وسنن الله في الأنفس، فالفائدة من المقاصد يمكن تحصيلها لكل من تشبّع بها أو تزود بنصيب منها.

والفكر المقاصدي (ترتيبي) و(تركيبي)، وذلك بالاستقراء فالتركيب، كقيامها على المفاضلة فالترتيب، وهذا هو الضمان للتوازن بين الثوابت والمتغيرات، وبين المرونة والصلابة والليونة والصرامة؛ لأن المقاصد أشبه بالهيكل العام لعموم الأحكام الواقعة والمتوقعة، وهي الغايات والأهداف الكلية التي يرجع إليها من اختلطت عليه الأمور خصوصاً عند غلبة العصبيات والتقليد والإغراق في الفروعيات الخلافية.

ومن ذلك أن «العمل بالاحتياط» سائغ في حق الإنسان في «نفسه» لما فيه من الورع واطمئنان القلب، أما إلزام العامة به واعتباره منهجاً في الفتوى ففي ذلك مخالفة ظاهرة للمقاصد الشرعية ويفضي للحرج والمشقة.

وعليه فالوعي المقاصدي من معالم التجديد والإصلاح.