(كن كالجبل)، هذه العبارة كثيراً ما نواسي بها الإنسان الذي أصابه الضعف واليأس. هناك من يرى الجبل بنظرة دون الآخر، فبعضهم يشبهونه بالصمود والثبات أو بالقسوة والجفاء، وهذه صفات صحيحة ميز الله بها الجمادات، فالجبل يتصف بالثبات والقسوة، بينما البحر يتصف بالقوة والعلو، لكن لا يجب على إنسان أن يبقى ثابتاً على الدوام يحتاج للتغيير، ولا يكون كالبحر لا يهدأ أبداً فيرهق نفسه دوماً، لا تخالف طبيعتك كإنسان مهما كانت الظروف، فأنت لست من حجارة لتكون كالجبل، ولست من ماء لتكون كالبحر.

أنت روح خلقها الله من طين لتكون مرناً سهلاً تارة وصلباً قاسياً تارة، وحتى لو كان علينا أن نصبح كالجمادات لأصابنا الضعف، فالأرض رغم تحملها لهذا الكم الهائل من البشر، وكل شيء فوق رأسها ومع ذلك تغلبها البراكين وتباغتها الزلازل، وحتى البحار لطالما تصفعها الأمواج من وقت لآخر، ومن الجبال كثيراً ما تفتت من قطرات المطر!.

وما نحن إلا كائنات صغيرة مهما تظاهرنا بالقوة فإننا قد نضعف ونتوجع ونمرض ونهلك، قد تدمينا كلمة وتسعدنا الأخرى وتبهجنا بسمة ويدمرنا موقف!.

يقول الله تعالى (وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا). ليس عليك كإنسان أن تتخذ من ذلك الجماد قدوة، لا ترهق نفسك لتصبح بتلك الميزة بأن تتحمل فوق طاقتك أو تصمد حتى على ما لم تستطع أو تثبت على شيء لا يغير منك.

إنك إنسان لك خصائص ميزك الله بها كالعاطفة والرغبة والانفعال (إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ)، أي أن النفس خلقت مجبولة على الضعف ولا تقوى إلا بالله فحسب. لذا يا أنت كن أنت.