تحدثت في مقال سابق عن التعلق وآثاره بشكل عام، وأن مرده غالبا يعود للنشأة منذ الصغر، فمن خلال ملاحظاتي ومشاهداتي للواقع فإن كثيرا من المشكلات والخلافات للأسف بين الناس، خصوصا الأصدقاء والأقرباء، سببها التعلق المرضي الناتج من عدم تقدير الذات، فيحدث الخذلان وتتوالى الصدمات وتكثر بذلك القطيعة ويزداد النفور. التعلق المرضي حالة عاطفية مرتبطة بالحياة اليومية، وبنمط التعامل مع الآخرين والتعلق بأحد الأشخاص، وهذا التعلق غير مقنن وبلا هدف وتخطيط، بلا إدراك ووعي، ولا يميزه أي روابط مشتركة ويحدث في ظروف نفسية مؤقتة ينتج عنها تدنٍّ في تقدير الذات، ويسبب ضغوطا وأذى نفسيا للمتعلق. وأما التعلق السوي الطبيعي فهو يشكل علاقة متكافئة لا تسبب المتاعب، ودافعه الأساسي هو الحب ويمر بمراحل طبيعية ابتداء من ارتباط الأولاد بأمهم، ومن ثم تعلق الابن بأبيه إلى فترة دخوله المدرسة وتعلقه بزملائه والمدرسين، وعندما يصل فترة المراهقة يبدأ بالمقارنات بينه وبين زملائه، ويحاول أن يتعلق بالأشخاص دون وعي، وقد تتحول هده العلاقة إلى تعلق مرضي.

أعراض التعلق المرضي واضطراباته حقيقة ليست متشابهة، فالبعض يتعلق بالآخرين ليشعرهم بأنه الأفضل وليس محتاجا لهم، لينفس فيهم رغباته ويفرض أسلوبه وسيطرته عليهم، وهذه تسمى الشخصية النرجسية أو المتعالية، والبعض الآخر هم الذين يشعرون بالدونية والضعف، وأنهم بحاجة دائمة للآخرين ولمن يقودهم وتلك هي الشخصية الاعتمادية، وهذا التعلق ينتج عنه الألم والحزن والاكتئاب، ويؤثر في حياتنا، في الدراسة والعمل وكذلك في الحياة الزوجية وما يحدث فيها من خيانة أو فشل. الخلافات الأسرية والتعنيف والإهانات التي يتلقاها الأولاد، خصوصا في صغرهم، وعدم تفريغ المشاعر أولا بأول، وشعور الفرد بأن ليس له دور في المجتمع، كلها مجتمعة من أهم أسباب التعلق المرضي.

هناك عدة طرق لمواجهة هذا التعلق المقلق للتمتع بحياة سعيدة ومطمئنة، وللوصول لحالة من الاستقلال والتوازن العاطفي تضمن الإدارة الصحيحة للمشاعر وردود الأفعال منها:

1 - استشارة مختص نفسي عندما تطول الحالة المرضية أكثر من 3 أسابيع كما ينصح المختصون.

2 - صارح نفسك ومشاعرك عن مميزات وعيوب الطرف الآخر واسأل نفسك: هل هذه العلاقة متكافئة؟ هل أنا سعيد فيها؟ ما الثمن الذي أدفعه لإنجاح هذه العلاقة وهل أبذل جهدا أكبر من الطرف الآخر لإنجاحها؟

3 - صارح شريك حياتك عن احتياجاتك.

4 - أشغل نفسك بممارسة الهوايات والمهارات التي تشعرك بالرضا وتقدير الذات.

5 - تعرف على أصدقاء جدد لهم نفس الميول.

6 - لا ترفع سقف توقعاتك بالآخرين، فهم بشر طبيعتهم الخطأ ومشاعرهم متقلبة.

7 - تصالح مع ذاتك واعرف نقاط قوتك وضعفك.

8 - ولتستقل عاطفيا يجب أن تتحمل المسؤولية، وتتخلى عن الحاجة لتقمص دور الضحية.

9 - ولتستقل عاطفيا احرص على تأكيد الذات.

10 - ولتستقل عاطفيا وتستعيد ذاتك ابحث عن مصدر دعم عاطفي آخر.

11 - ولتستقل عاطفيا احرص على حماية مشاعرك بالقدر نفسه عندما تشعر بالآخرين، وتتعاطف مهم فلا تبالغ في الاعتناء بهم.