إحدى أهم ركائز الاقتصاد في السعودية الجديدة ورؤية 2030 هي السياحة، يتوقع أن يكون الإنفاق الاستهلاكي على الترفيه 36 مليارا بحلول 2030، مما يوفر 114 ألف وظيفة مباشرة، و110 آلاف وظيفة غير مباشرة، وكذلك تقدر مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي 9% بحلول عام 2025، مصدر كبير جدا لا يستهان به ومن أكثر المجالات توفيرا للوظائف!.

السياحة بمعناها العملي فيها كثير التجرد من الرسميات والعمل، وإذا كان من هناك لباس نموذجي للسياح حول العالم فهو عادة فانيلة رياضية وشورت، عندما ترى السياح حول العالم من دبي شرقا إلى فلوريدا غربا لباسهم بسيطا، قميص أو فانيلة وشورت، تعرفهم بأشكالهم، منطقيا كيف نشجع السياحة وننفتح على السياحة العالمية ونمنع الشورت في المولات مثلا بحجة الذوق العام، وهو اللباس شبه الرسمي لأغلب سياح العالم، يبدو أن من وضع أو نشر شروط الذوق العام لم يضع في باله الأهداف الكبرى الاقتصادية للسعودية الجديدة، وكذلك لا نستطيع القول إن الشورت مسموح للسياح وليس لغيرهم، لأنه يبدو فيه ازدواجية.

حتى السياح السعوديين عندما يذهبون للخارج هذا لباسهم، إلى الآن لا أستطيع فهم الآلية التي وضعت فيها بعض شروط الذوق العام، عندنا أهداف أكبر بجعل السعودية الجديدة عالمية ومركزا لاستقطاب العالم، وهناك استثمارات مليارية كبرى ومشاريع تعد حتى على المستوى العالمي ضخمة جدا وفتحنا نظام الفيزا، وفي الأخير يوضع قرار يعطل كل هذا!.

كان هناك قرار غريب من الخطوط السعودية لم تطبقه أغلب شركات الطيران حول العالم بمنع المسافر من لبس الشورت أو (البرمودا) حتى في سفره، وكان غير عملي أبدا، وكان الواحد يروح لوجهته للمصيف أو الشاطئ حول العالم، فيرى كل ركاب المطار يلبسون لبس السياح والشورت، ويرى الأخ راكب الخطوط السعودية وحيدا! (مطقم رسمي) من أجل يرضي الخطوط السعودية، لذلك كان كثيرون يفضلون الخطوط الأخرى، ولا يحبذ أحد أن يفرض عليه اختيارات ملابسه، (يقال إنه تم إلغاء القرار لاحقا).

لا أحد يستهين بهذه الأمور التي تبدو بسيطة، هناك استثمارات بعشرات المليارات في البنية التحتية في السياحة في السعودية الجديدة، والسائح حول العالم يبحث عن راحته وليس عمن يتدخل في اختيار ملابسه! هذه الأمور قد تؤثر على اختياراته لوجهته وهو يأتي يبحث عن الراحة في كل شيء ومنها اللباس.

من الأمور الأخرى جودة المطار الذي هو واجهة البلد، كمثال مطار الملك عبدالعزيز بجده الجديد، بني على أعلى المعايير لكن الأهم هم من يشغلون المطار، وأن تتغير العقلية والمعاملة، دون مبالغة أسوأ مطار زرته هو مطار جدة القديم، وتقريبا كل من أقابله وأعرفه يتفق أنه أسوأ المطارات، خصوصا المعاملة والخدمات وبعض العقليات التي فيه، إذا غيرنا المباني ولم نغير الناس والعقليات فكأن شيئا لم يحدث!.

غير مقبول أن السعودية الجديدة تبذل جهودا جبارة وتصرف مبالغ مليارية على تنشيط السياحة لكي يأتي موظف جاهل أو أحد مزودي الخدمة كأصحاب التاكسي والمواصلات لكي يخرب هذا الجهد، وما هو ببعيد قصة الكوري المشهور في اليوتيوب الذي أتى وتلقى سوء معاملة من أحد أصحاب التاكسي. يجب أن يعاقب كل من لا يتماشى مع الأهداف الكبرى للسعودية الجديدة بما يستحق، ويجب أن يحاسب كأنه يضرب الأمن الاقتصادي الوطني وليس فقط جناية بسيطة، فالسياحة أصبحت ركنا اقتصاديا.

يجب أن تتماشى سرعة القوانين مع سرعة التغيير في السعودية الجديدة أو حتى تسبقها، وأعطيكم مثالا المرور وبعض الإدارات الأخرى، هل المرور وبعض الإدارات الحكومية وتشريعاتهم مستعدة للتغيرات الكبرى التي حدثت أو ستحدث قريبا في السنوات القليلة القادمة؟!.

السيارات أصبحت شبه ذاتية الحركة، الآن دخل المستوى الثالث لذاتية الحركة لبعض السيارات، ومستقبلا سيدخل المستوى الرابع، أي أن السيارة ستتحكم بأغلب الوظائف، بينما السائق سيقرأ جريدة أو يتفحص جواله، هل سنطبق قوانين المرور والطيران القديمة؟ وعندما نذهب للمستوى الخامس فإن السائق سيكون في المرتبة الخلفية يؤدي هواياته، خلال سنوات قليلة جدا ستبدأ السيارات الطائرة، وحدد في بعض الدول تاريخ بدء عملها، هل نحن مستعدون للمستقبل، أم سننتظر ما يفعله الآخرون؟.. إن السعودية الجديدة سباقة ومبادرة وتحب المركز الأول، وانتهت العقليات القديمة مثل (خلنا نشوف الآخرين وش بيسوون ونسوي مثلهم!).

ولي العهد الأمير محمد أو كما نحب ندعوه (أبا سلمان) يدفع بقوة وإصرار السعودية الجديدة للمقدمة، وحدود الطموح عنان السماء، فعلى الإدارات في الدولة أن تتواكب مع هذه الهمة سواء العقليات والقوانين، وألا يكون هناك تعارض أو بطء مع الأهداف الكبرى. على موظفي الحكومة وغيرهم أن ينسوا البيروقراطية القديمة وينسوا كلمة (ما تعودنا) أو كلمة (خلنا نشوف غيرنا). المبادرة والسبق والإبداع هي رأس الحكمة في السعودية الجديدة.