تدحرجت تداعيات مقتل الجنرال الإيراني النافذ قاسم سليماني والقيادي في الحشد الشعبي العراقي أبومهدي المهندس، إثر استهدافها بقصف جوي أميركي طال موكبهما قرب مطار بغداد الدولي، واشتملت على تهديدات بـ»الانتقام» والرد من جانب إيران وقوات الحشد الشعبي، مع تحذيرات عراقية من «حرب مدمرة» في المنطقة، فيما دعت كبريات الدول إلي ضبط النفس والتهدئة وتجنب التصعيد الخطير الذي قد يؤدي لنتائج مدمرة. وكان مصدر مسؤول أعلن أمس أن المملكة العربية السعودية تابعت الأحداث في العراق والتي جاءت نتيجة لتصاعد التوترات والأعمال الإرهابية التي شجبتها وحذرت المملكة فيما سبق من تداعياتها. وأضاف «مع معرفة ما يتعرض له أمن المنطقة واستقرارها من عمليات وتهديدات من قبل الميليشيات الإرهابية تتطلب إيقافها، فإن المملكة وفي ضوء التطورات المتسارعة تدعو إلى أهمية ضبط النفس لدرء كل ما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع بما لا تحمد عقباه، وتؤكد على وجوب اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته لاتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان أمن واستقرار هذه المنطقة الحيوية للعالم أجمع».

قائد فيلق القدس

أعلنت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاجون» أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أعطى الأمر باغتيال سليماني، بينما تشير التحليلات الأولية إلى استخدام صاروخ من طراز Hellfire R9X في عملية تصفية قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني والمرافقين له. كان سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، الجيش العقائدي للجمهورية الإيرانية، وموفد بلاده إلى العراق وسورية ولبنان للتنسيق مع المجموعات المسلحة الموالية لإيران في هذه الدول، بينما أعلنت إيران بعد ساعات على الاغتيال تعيين إسماعيل قاآني قائدا جديدا لفيلق القدس. والمهندس هو رسميا نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي لكنه يعتبر على نطاق واسع القائد الفعلي للحشد الشعبي، وقد أدرجت الولايات المتحدة اسمه على قائمتها السوداء. ورأى الخبير الأميركي في المجموعات الشيعية المسلحة فيليب سميث، أن الضربة هي «أكبر عملية تصفية عند رأس الهرم تقوم بها الولايات المتحدة، وهي أكبر من العمليتين اللتين قتلتا أبوبكر البغدادي وأسامة بن لادن»، زعيمي تنظيمي داعش والقاعدة.

توعد روحاني

توعد الرئيس الإيراني حسن روحاني بأن «الأمة الإيرانية الكبيرة والدول الحرة الأخرى في المنطقة ستنتقم من أميركا على هذه الجريمة البشعة»، واستدعت طهران مسؤول السفارة السويسرية التي تمثل المصالح الأميركية في إيران للتنديد بـ»إرهاب دولة من جانب أميركا». واعتبر رئيس وزراء العراقي عادل عبدالمهدي أن الضربة الجوية الأميركية تشكل «تصعيدا خطيرا يشعل فتيل حرب مدمرة» في العراق، معتبرا أنها «خرق فاضح لشروط تواجد القوات الأميركية في البلاد»، بينما دعت السفارة الأميركية في بغداد، أمس، مواطنيها إلى مغادرة العراق «فورا».

ملاحقة سليماني

جاءت الضربة الأميركية بعد ثلاثة أيام على هجوم غير مسبوق شنه مناصرون لإيران وللحشد الشعبي على السفارة الأميركية في العاصمة العراقية مما أعاد إلى الأذهان أزمة السفارة الأميركية واحتجاز الرهائن في طهران في 1979. وأوضح الباحث رمزي مارديني من مركز «بيس إنستيتيوت» أن «الاستخبارات الأميركية كانت تلاحق قاسم سليماني منذ سنوات، لكنها لم تضغط على الزناد، وهو كان يعرف ذلك، لكنه لم يقدّر إلى أي حدّ يمكن لتهديداته بأزمة رهائن أخرى في السفارة أن تغيّر سير الأمور»، وقال «غيّر ترمب القواعد عبر القضاء عليه».

أمر بالقتل

استهدفت الغارة الأميركية موكب سيارات كان فيه سليماني والمهندس في حرم مطار بغداد، بحسب ما ذكر مسؤولون أمنيون عراقيون، مشيرين إلى مقتل تسعة أشخاص. وقال بيان البنتاجون، «بأمر من الرئيس، اتخذ الجيش الأميركي إجراءات دفاعية حاسمة لحماية الموظفين الأميركيين في الخارج، وذلك عبر قتل قاسم سليماني». وروى السفير الإيراني في بغداد كيفية حصول العملية للتلفزيون الرسمي العراقي قائلا: «الساعة الواحدة (0:00 ت غ)، تعرضت سيارتان تقلان سليمان والمهندس لهجوم بصواريخ من القوات الأميركية، وقتل كل ركابهما، وهم عشرة أشخاص، وبينهم رفاق وحراس». على الصعيد نفسه، أفادت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، أن استهداف قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، جرى بعدة صواريخ من طائرة مسيرة، وأن الصواريخ استهدفت سيارتين كانتا تقلان سليماني ومسؤولين آخرين. وأفادت وكالة «أسوشييتد برس» الأميركية ببعض التفاصيل حول العملية، فقالت، إن الغارة التي استهدفت سليماني وقعت قرب منطقة الشحن في مطار بغداد، وإن استهدافه جرى بعد لحظات من خروجه من الطائرة التي أقلته من لبنان.

بداية العملية

بدأت العملية، باستخدام طائرات مستهدفة عددا من قيادات وأعضاء في الحشد الشعبي، أثناء خروجهم من مطار بغداد، تحديدا من البوابة الجنوبية برفقه وفد غير عراقي، حيث أشارت الأنباء إلى تواجد بعض من القيادات الإيرانية من الحرس الثوري في مطار بغداد الدولي.

واستهدفت الضربات الأميركية المكان بقصف صاروخي تسبب بمقتل قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، والرجل الثاني بميليشيا الحشد أبومهدي المهندس، ومسؤول مديرية العلاقات في الحشد، محمد الجابري، ومسؤول الآليات، حيدر علي، وغيرهم، كما خلفت أيضا عددا من الجثث المتفحمة لم يتم التعرف عليها حتى الآن. على جانب آخر، تواردت أنباء شبه مؤكدة عن مقتل محمد الكوثراني، القيادي في حزب الله اللبناني، ومسؤول ملف العراق في الحزب إثر الاستهداف.

سقوط صواريخ

أعلن الحشد الشعبي في العراق، مقتل 5 من أعضائه بينهم مسؤول العلاقات بالحشد و2 من الضيوف كانوا بسيارتين جرى استهدافهما بمطار بغداد الدولي، حيث قالت مصادر بالحشد الشعبي، إن ممثلين عن الحشد كانوا يستقبلون «ضيوفا مهمين» في مطار بغداد، حيث استقل الجميع مركبتين استهدفهما صاروخان. في تلك الأثناء، أعلن الجيش العراقي سقوط عدد من الصواريخ بالقرب من منشآت عسكرية عراقية وأخرى تابعة للتحالف الدولي في مطار بغداد، بينما أفادت خلية الإعلام الأمني العراقية في بيان بسقوط 3 صواريخ كاتيوشا على مطار بغداد الدولي.

تغريدة ترمب

بعد الضربة الأميركية التي أدت لمقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني، وأبومهدي المهندس نائب رئيس ميليشيا الحشد، غرد الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، وكأنه منتصر بنشر علم بلاده فقط. على صعيد آخر، عين المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، أمس، إسماعيل قآاني قائدا جديدا لفيلق القدس خلفا للجنرال قاسم سليماني الذي قتل، فجرا، في غارة أميركية في بغداد، ودعا إلى حداد لـ3 أيام بعد مقتل سليماني.