عندما مشى للمرة الأولى، كانت قدماه ستطآن زجاجا مهشما، ولولا حماية أمه له لربما تسبب في جرح لا يندمل. ومع ذلك حينما منعته، صرخ كثيرا وبكى أكثر، فهو لم يكن مدركا مدى خطورة الأمر، ولم يدرك حتى تناولت والدته زجاجا صغيرا وأرته حدّته. وها هو الآن يكبر شيئا فشيئا، ويوما بعد يوم، وما زال يخاطر فينكسر ويعود إلى حجرها.

أحيانا أتساءل: إن كان للحياة فضل علينا، أم نحن من تفضلنا عليها، أم إننا نتشارك الفضل على بعضنا البعض؟ أم إنه كما قال الإمام الشافعي: «نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا»؟

كثيرا ما نصرخ، ونبكي، ونتألم بسبب فقدنا كثيرا من الأمور، ولكن سرعان ما ندرك -هذا إن أتحنا لأنفسنا فرصة التأمل- حكمة الله فيما خسرنا.


إن كلامي مستهلك جدا، فالجميع يعلم ما أقوله، ولكننا -مع الأسف- في كل مرة نفقد فيها شيئا ننهار ونبكي حزنا. وكأننا لا نعلم أن خسارتنا بعض الأشياء ليست نهاية الحياة، وأن الحياة تنتهي عندما نيأس ونرضى بالسقوط ونتحطم.

المشكلة هنا ليست في المعرفة، بل في التطبيق!، فمن منا عندما يسقط يعود مرة أخرى، وفي اليوم التالي، بكل قوة وإصرار!.

إن خسارتنا لن تنتهي، وسنستمر في الخسارة أكثر إن لم نتعلم كيف نواجه العثرات، ونقف مجددا بعد كل عثرة. ومن هنا، سندرك فضل التجارب علينا، فلولاها لما أصبحنا فيما نحن عليه الآن من وعي وإدراك وقوة حقيقية.

ولنتعلم علينا أن نبدأ برسم خطة محكمة لنا، ومع أن البداية دوما صعبة، إلا أنه يجب أن نبدأ لنحقق حياة أكثر استقرارا.