يتكرر لفظ «مزبلة التاريخ» كثيرا، لفظ خطابي وكتابي رنّان، اشتهر في الأوساط السياسية بالقرن الـ19. ومن أشهر المقولات التي خلّدت هذا المصطلح مقولة تروتسكي عام 1917، للمنسحبين من مؤتمر السوفييت قائلا: «إنكم أناس بائسون منعزلون! أنتم مفلسون. انتهى دوركم. اذهبوا إلى حيث تنتمون، من الآن فصاعدا أنتم في مزبلة التاريخ!».

اكتظت مزبلة التاريخ في السنوات السابقة بكثير من الهالكين المارقين الأفاقين السفاحين، وازدادت عفنا بسقوط الهالك قاسم سليماني، الذي عُرف بسيرة وحشية موحلة بدم مئات الآلاف من العرب، وملايين المهجرين بسبب أعماله الإجرامية. نفق الهالك ومعه نائب الحشد الشعبي المدعو أبومهدي المهندس الذي كان يهدد بالوصول إلى الرياض قبل أعوام قليلة، وتم «قطع» لسانه ودفنه في المزبلة الكبرى للتاريخ بمطار بغداد الدولي.

سبقهم بالهلاك سفاحون بشريون أمثال: البغدادي ومعمر القذافي وابن صالح، وهذه هي النهاية المحتومة للقتلة عندما تدور الدوائر عليهم، ويلقون ما قدمت أيديهم. ‏ولعلنا نتذكر كلمات الأديب جبران خليل جبران، حين صدح قائلا «أكره أن أشمت بأحد، ولكن يعجبني الزمان حين يدور»، والعقبى للجرذ «الحوثي» الذي قضى آخر 4 أعوام من عمره متنقلا بين الكهوف والجحور.

وقد أثمر هلاك المارق عن عدد من المفارقات، منها ما يدعو إلى الفرح ومنها ما يدعو إلى الحزن، كاحتفال المئات من ضحاياه السوريين في حلب بتوزيع الحلوى، احتفالا بموت ذلك الطاغية، أما المفارقة العجيبة، هو تصريح حركة حماس الإخوانية ونعيها للهالك ووصفه بالشهيد، مستهترة بمشاعر الملايين في الوطن العربي، الذين ذاقوا الويلات والتشريد على يد «ذنب» طهران.

شخصيا، حدثني أحد «الثقات الصالحين» أن «المزبلة» رفعت شعار «المقاومة» و«الممانعة»، وحاولت «الدفاع» وعدم استقبال «الهالك».

وقال ذلك «الثقة»، إنها كانت وما زالت تئن وتبكي وتنوح، طالبةً النجدة من هذا العفن المستمر، وأخاف ذات يوم أن تحبل «المزبلة» وتنجب «لقيطا»، ولا نعلم مَن الأب: هل هو سليماني أم البغدادي؟.