يخلط كثيرون ما بين المعتقدات المبنية على الأساطير، وتلك التي ترتكز على الحقائق، ومنها التطهر بمياه نهر الغانج الذي يعده الهندوس أقدس الأنهار، ويتطهرون عبر الاغتسال والشرب منه، في طقس يحمل عنوان «المجد لأمنا كانكا».

أما الأسطورة فتتحدث عن قدسية النهر وأنه يطهر المغتسلين والشاربين منه، وأما الحقيقة العلمية فإنها تؤكد أنه يمكن الاحتفاظ بمائه لمدة طويلة دون أن تأسن، وذلك لما تتمتع به من خواص طبيعية وما تتوافر عليه من معادن خاصة تحفظ ماءه لوقت طويل.

الغانج

هو أحد أكبر أنهار شبه القارة الهندية. يجري باتجاه الشرق مخترقا السهل الغانجي في شمال الهند وينتهي في بنجلاديش. يبلغ طوله 2510 كلم، وينبع من جبال الهيمالايا الغربية.

وتتمتع بأهمية تاريخية حيث وقع عدد من عواصم الهند الإقليمية أو الإمبراطورية على ضفافه، ويعتبره الهندوس النهر الأكثر قداسة. وتوجد على ضفافه أماكن كثيرة يحجون إليها.

ويذهب إلى ضفافه ملايين الحجاج سنويا لغسل خطاياهم في مياهه. ويتدفق البراهمة والمنبوذون والملوك والمتسولون، ومن كل الطوائف والمذاهب في «أمنا كانكا» من أجل ما يعتقدونه التطهّر الروحي، بل ويتمنون الموت على ضفافه وذر رماد جثثهم داخل تياراته.

طقوس

والمجد لأمنا كانكا طقس عبادة، حيث يقوم أحد المؤمنين بخيرات نهر الغانج بإلقاء نفسه 3 مرات في المياه وهو يثني ركبتيه، بعد ذلك يشرب جرعة من الماء فيتطهر من كل رجس وشر حسب اعتقاده، ويعتبر أنه عاد إلى حال الطهر الحقيقي كما ولدته أمه، وأنه حصل على أفضل الشروط وتخلص من العوائق التي تمنعه من رؤية الآلهة.

وتتم هذه الطقوس وفق الآتي «ينزل الحجاج للاغتسال في النهر عند بزوغ الشمس، وحين يهبط الظلام يقوم الكاهن بتقديم النور إلى الألوهية فيحرك جرسا صغيرا بيده اليسرى ويرسم بواسطة السراج الذي يمسكه بيده اليمنى، زهرة اللوتس الكونية، ثم يستدرج نحو الغانج ويقوم بالعمل ذاته، في تلك الأثناء يشعل الكاهن مزيدا من المشاعل، فيتموج دخانها مع دخان البخور والضباب، عندها ينطلق دوي الأجراس الصغيرة والصنوج والطبول والأبواق ويتجه الكهنة نحو النهر في موكب احتفالي، فيحركون أيديهم وأذرعهم بشكل متناسق راسمين في الفضاء صورة زهرة اللوتس الكونية، مع أصوات الموسيقى، ينحني الكهنة ببطء وجلال 3 مرات ويهبون النهر النيران التي تلامس المياه، بعدما يتوجهون نحو المؤمنين ليقدموا لهم (النور المقدس)، فيمدوا أكفهم ليلقفوا هذا النور والموسيقى الصاخبة تبدأ بالخفوت رويدا رويدا، فترتفع فجأة صيحة الجماهير المحتشدة بصوت يصل إلى السماء (المجد لأمنا كانكا)».