في الوقت الذي أعلن أبطال مسلسل Friends عبر حساباتهم على موقع التواصل الاجتماعي Instagram عن عودة المسلسل بحلقة خاصة تعرض على شبكة HBO، حيث رصدت لـ»الوطن» أن أبطال ومشاهدي المسلسل ليسوا الوحيدين المتعلقين بالماضي، فقد سبقتهم Disney بالإعلان عن إعادة إنتاج فيلمها الشهير Home Alone، والذي سيعرض على منصتها +Disney، وهذا ليس أول فيلم تعيد إنتاجه كما أنها ليست الوحيدة، ففي الفترة الأخيرة اتجهت الشركات لإعادة العديد من الأفلام بطرق مختلفة، منها إعادة إنتاج الأفلام القديمة مثل عمل نسخة حية من أفلام الرسوم المتحركة مثل The Lion King و Aladdin، أو عمل فيلم عن شخصية مقتبسة من فيلم سابق مثل فيلم Maleficent المقتبس من فيلم الرسوم المتحركة Sleeping Beauty، وفيلم Pikachu المقتبس من سلسلة الرسوم المتحركة Pokemon، أو عمل عدة أجزاء كسلسلة Fast & Furious، وفيلم الرسوم المتحركة Toy Story، فيتبادر لذهن الكثير هل هذه علامة لنفاد أفكار الكتّاب. أما هي طريقة لجذب المشاهدين من خلال استغلال حنينهم، وتعلقهم بالماضي.

استنزاف الأفكار

ذكر الكاتب والناقد السنيمائي فهد الأسطاء لـ»الوطن» أنه لا يعتقد أن هذا دليل نفاد الأفكار بقدر ما هو دليل استنزاف الأفكار الناجحة، أو التي يتوقع لها النجاح؛ في التكرار، وإعادة إنتاج الأفلام في أغلبه يأتي من شركات إنتاج كبرى تستهدف الربح المادي بشكل كبير، وبالتالي فإن نجاح جزء ما يعتبر ذريعة منطقية لتكرار الجزء، ومن جهة أخرى فإن هناك إعادة الرؤية الفنية التي يرغب فيها المنتج، أو المخرج تحديداً في تقديم قصة ما حسب رؤيته، وينجح في ذلك كما فعلت المخرجة Greta Gerwig هذا العام في فيلم Little Women الذي سبق، وأن طرح كثيراً معتمداً على قصة الكاتبة Louisa Alcott، ونجحت بتقديم فيلم جميل ترشح للأوسكار.

وتعد هذه الطريقة استغلالا لنجاح الفيلم السابق، وحب الجمهور له، فالغالب أن النجاح في المرة الأولى يجلب النجاح فيما بعد، كما تعتقد هذه الشركات، وحسب ترقبها، ودراستها لسلوك الجماهير، وبالتالي تجدها فرصة للاستغلال، وتلبية نهم المتابعين، وهو أمر ليس بالسيئ بل يغلب عليها النجاح، فالجمهور هو من يحدد الاستمرار من عدمه مثل Toy Story المستمر منذ 25 عاماً، وما زال ناجحا.

توجه تجاري

أضاف الممثل والناقد السنيمائي براء عالم، أنها ليست علامة نفاد أفكار، وقصص الكتّاب بقدر ما هي توجّه تجاري من الشركات المنتجة لهذه الأعمال، فإعادة صنع فيلم بقصة معروفة، ومحبوبة لدى الجمهور يقلل احتماليات عدم نجاح الفيلم، والاعتماد على حنين المشاهد لقصص، أو شخصيات، أو عوالم قد تعرَّض لها من قبل هو أسلوب تسويقي قديم ناجح اعتمد عليه صنّاع الإعلانات، والأفلام، والمنتجات المرئية منذ زمن بعيد لكنه بدأ يظهر بشكل أكبر في الـ 10 سنوات الأخيرة.

حنين، وحب المشاهد لعالم، أو قصة، أو شخصية ستسّهل عليه هضم، والاتصال بشخصيات أخرى من نفس العالم، حتى لو كانت هي نفس الشخصيات لكن برسوم، وقدرة إنتاجية أفضل، لكن استغلال حنين المشاهد لا يعني بالضرورة نسخ، ولصق نفس القصص أحد أنجح الأمثلة، وأذكاها على الرغم من كونه ليس فيلما سينمائيا كان مسلسل Stranger Things من إنتاج Netflix الذي استفاد من حب، وحنين الناس لكثير من المنتجات، وقدمها بقصص جديدة، وحبكات مختلفة، هذا النوع من إعادة الإنتاج، والاستفادة من حنين المشاهد هو ذكي جداً، وبعيد عن الكسل الإبداعي الذي رأيناه من Disney مثلاً عند إعادة انتاجهم لـ The Lion Kin أو Aladdin بنفس القصص، ولكن برسوم واقعية.

وبحسب تقارير شبابيك التذاكر نستطيع القول إن المشاهد مرحب جدا بإعادة إنتاج أفلامه المفضّلة، وما زالت هذه المحاولات تجلب الكثير من المال للشركات المنتجة، لا نعلم إن كان هذا بسبب عدم وجود البديل، أم أن تعلق المشاهد بتلك القصص طغى على رغبته للانفتاح على قصص، وشخصيات جديدة.

طريقة مختصرة للشعبية

يرى المؤثر في مجال السينما، والتلفزيون عبدالعزيز الزامل، أن الأعمال الناجحة القديمة تعتبر طريقا مختصرا للشعبية صحيحا، لكنها قد تكون طريقا للهاوية، وتدنيس قيمة فنية ناجحة سابقًا؛ لذلك تعتبر مخاطرة شديدة. كما أن ردة الفعل غالبًا غاضبة؛ لأن الجماهير، والنقاد على حد سواء يرغبون بمشاهدة سينما جديدة، وليست إعادة إحياء لأعمال ناجحة، الأمر الذي يدل على طمع، وفقر في الأفكار بالنسبة للمشاهد، وفي حال تم إعادة إنتاج فيلم لنفس الجيل يعتبر ذلك مملا، واستهلاكا للقصة.