(1)

عندما ضربت منشآت أرامكو في بقيق وخريص تداعى كل موظفي أرامكو المتقاعدين، من مهندسين وفنيين وإداريين وعلى الأصعدة كافة والوظائف، بطلباتهم لشركتهم بأن تتم الاستعانة بهم، للمساعدة في تخطي هذه الأزمة التي تمر بها جهتهم التي خرجوا منها.

(2)

اليوم ومع أزمة كورونا التي تضرب الأنظمة الصحية في عمودها الفقري في كل البلدان، ومن ضمنها نظامنا الصحي في المملكة، وتمثّله بطبيعة الحال وزارة الصحة، توقعت أن أشاهد طلبات ومناشدات من منسوبي الصحة المتقاعدين، بأن يتم تمكينهم من التطوع والعمل بخبراتهم الطويلة مع وزارتهم التي خرجوا منها، في أزمتها التي تمر بها. ومع محاولاتي للبحث في وسائل التواصل ومواقع الأخبار عن تغريدات وتقارير تؤكد رغبة الأطباء المتقاعدين في الاستعانة بهم، إلا أني للأسف فشلت في هذا الموضوع.

أدرك انخفاض الولاء المؤسسي عند بعض الفئات في الوزارة دون بعضها الآخر، وأدرك أهمية رفع مستوى ولاء الجميع، إلا أن ولاء الأطباء يجب أن يكون مرتفعا ودائما ومستمرا. الأطباء السعوديون يعتبرون من أفضل الفئات التي اهتمت بهم الدولة وأعطتهم الدعم اللامحدود، سواء في المزايا المالية والمعنوية، أو حتى في التسهيلات لمن يرغب منهم في العمل بالقطاع الخاص. واليوم لا نرى ما يشفي غليلنا من تشبث الأطباء المتقاعدين بوزارتهم ومنشآتها التي عملوا فيها.

صحيح أن هناك شخصيات ومبادرات فردية جيدة، ولكن الرأي العام المتشكّل عن الأطباء وحماسهم للعطاء والوقوف مع وزارتهم، لم يكن على قدر المأمول (على الأقل في نظري وفي رأيي الشخصي).

(3)

هذا الأمر يردنا للحديث عن مواضيع الولاء التنظيمي، ورغم أن هذا المفهوم لا تكفيه مقالة أو مقالتان، إلا أنه يمكننا الحديث عن مقاربة ولو على شكل بسيط بين ما يحدث هذه الأيام من أزمة صحية، وبين التخلي شبه الواضح من الأطباء ممن تركوا العمل في الوزارة. يرى سيمون أن مفهوم الولاء الوظيفي يوجب على الفرد سلوكيا أن يدفعه وباستمرار ليختار البديل الأمثل عند اتخاذه قراراته، أن يختار البديل الذي يحقق مصلحة المؤسسة الذي ينتمي إليها. وأضيف أنا (أو كان ينتمي إليها كما في نموذج أرامكو). صحيح أن أدبيات الولاء الوظيفي تتحدث عمن هم في بيئة العمل، ولكني أعتقد أن الولاء المرتفع عند المبتعدين عن بيئة العمل يخرج في الأزمات.

(4)

خصصت هذا العتاب للأطباء لأنهم هم قادة الصحة، شئنا أم أبينا، حتى ولو أن الإداريين اليوم في وزارة الصحة يعملون على قدم وساق ليضعوا لهم بصمة في تطوير هذا المرفق، إلا أن تاريخ النظام الصحي في المملكة يؤكد على ريادة الأطباء في هذا المجال. ولذلك كان الأمل في متقاعديهم أن تكون لهم الوقفة المشرفة.

(5)

كل التحية لأبطال وزارة الصحة ممن هم على رأس العمل اليوم. أقول لمن كان منهم متفرغا ليقرأ هذه المقالة، أنتم اليوم بمثابة الدرة على جبين هذا الوطن.