يقول ابن خلدون «الناس في السكينة سواء، فإن جاءت المحن تباينوا»، أزمة كورونا بينت معادن الحكومات والشعوب أيضا!

ما قامت به السعودية لمواطنيها في الخارج يجب أن يعتبر درسا في حقوق الإنسان، فحسب المادة 25 من الأمم المتحدة بخصوص حقوق الإنسان، ويتكلم عن حق الإنسان بالصحة، وقت الرخاء كثير من الدول الغربية «تهايط» وتتبجح بالصحة، لكن وقت أزمة كورونا ظهرت الوجوه الحقيقية، الاتحاد الهلامي الأوروبي صار مثل عصابات الحنشل، بدأت الدول تسرق من بعضها وتستولي على المعدات الطبية.

بينما السعودية والخليج عالجت مجانا كل من هم على أرضها، دون تفرقة حتى المخالفين لنظام الإقامة. تذكرت لقاء عادل الجبير مع تيم سيبستيان، وكلمة الجبير عن حقوق الإنسان، الصحة والتعليم، هذا درس عملي لحقوق الإنسان يا سيد تيم! أرسلوا لنا بعض الأوروبيين لكي يتعلموا حقوق الإنسان أو ندرسهم عمليا وليس شعارات.

أما عناية السعودية برعاياها بالخارج، فأصبحت قصة ومثلا يضرب، لم تتركهم لمصيرهم كما عملت بعض الدول، وقالت: خذوا من الجمعيات الخيرية، ولم تجعلهم يدفعوا مصاريف الرجوع، بل عاملتهم كما يعامل أبو فهد أولاده. لا نلام نحن أهل الرياض عندما أحببنا أبا فهد أميرنا وشيخنا لعقود، ولا يلام السعوديون في حبهم لملكهم وعنايته بهم لما يرونه منه الآن. لقد وضع ولي العهد ابن سلمان صحة وسلامة وراحة المواطن أولوية، حتى لو كلف هذا كثيرا، واختار الإنسان أولا، بينما اختارت بعض الدول الاقتصاد والمال.

لقد أبلت السفارات السعودية بمجملها بلاء ممتازا، وبذلت جهودا كبرى من ناحية خدمة السعوديين والعناية بهم، وتسهيل السكن والمأكل وحتى المواصلات والاطمئنان عليهم. قد يستغرب البعض أن نتكلم عن السفارات بهذا الشكل، ومعروف أن العديد من الإخوة في السفارات لا يحب كاتب المقال، وكتاباتي عن السفارات معروفة، لكن من أهم آداب الكتابة أن يكون الشخص موضوعيا، يقول للمحسن أحسنت وللمسيء أسأت، والسفارات صراحة أبدعت في هذه الأزمة، فيجب أن أقول الواقع بغض النظر عن مشاعرنا، أو كره البعض لنا في الخارجية، ومن باب التأكيد هذا لا يغير العلاقة بيني وبين الإخوة في السفارات، لأن علاقتنا كما كانت أني سأبذل كل جهدي، أحييكم وبشدة في كل عمل جيد تقومون به، وأنقدكم وبشدة في كل خطأ أو تقصير. هذا ببساطة أحد أهم مهام الكاتب، نقل الواقع دون تطبيل.

بالمناسبة ألا يلاحظ الجميع تحسن أداء السفارات السعودية، خصوصا العناية بالمواطن في وجود الأمير فيصل بن فرحان، لم أكن لأقولها لولا أن الجميع شاهد ورأى، هو ليس مدحا ولكن واقعا، وليس تطبيلا بل شبه إجماع ونقل للصورة.

كنت أكتب عن الاتحاد الأوروبي منذ مدة، وكنت أسميه اتحاد جمهوريات الموز الأوروبية، وكان البعض من الإخوان يقول لي تبالغ بنقدك للاتحاد الأوروبي، وأرد عليهم أنتم لم تعرفوا الاتحاد الأوروبي على حقيقته، أعرفهم منذ سنوات طويلة أصحاب شعارات فقط، وأعرف منذ سنين كيف يعامل بعض مواطني الاتحاد الأوروبي، خصوصا شرق أوروبا كمواطنين من الدرجة الثانية، وكيف دمر الاتحاد الأوروبي ميزات بعض الدول الشرقية حتى تصبح تابعة لألمانيا وفرنسا، وتحتاج بقية الدول لهم، وأيدت وحييت انفصال بريطانيا عنهم، لأن بريطانيا تقود ولا تقاد، ونعرف جيدا أنه لولا أمريكا وترمب الذي يسخرون منه، لكان الجيش الروسي الآن يتمشى في منتصف أوروبا، لأن الاتحاد الأوروبي لا يملك قوة عسكرية محترمة، ولا ثقلا دوليا، بل يحبون المفاوضات من أجل المفاوضات. الآن مع هذه الأزمة تحول الأوروبيون إلى «حنشل»، أدوات طبية واحد يسرق من الثاني!. أين التحضر وأين حقوق الإنسان؟ فجأة تحولت أوروبا إلى شريعة غاب، وشجارات في السوبرماركات على علب الطعام كأنهم همج. لم نشاهد ذلك في دول العالم الثالث التي كان الأوروبيون يتكبرون عليها! لقد تخلوا عن إيطاليا ولم يساعدوها وأقفلوا حدودهم، لا ألوم الإيطاليين عندما أحرقوا أعلام الاتحاد الأوروبي!

آمل من الدبلوماسيين الخليجيين أن يحثوا في وجوه الأوروبيين التراب إذا فتحوا مستقبلا موضوع حقوق الإنسان (طبعا مجازا)، لا أحد يقول إن الكاتب يدعو لنثر التراب بالوجوه، وينقلونها للوزير والجبير، خصوصا «حبايبنا» بالسفارات كثير!. ما أعنيه لا أحد له وجه يفتح حقوق الإنسان من الأوروبيين - خصوصا ألمانيا - مع الخليج بعد اليوم! لأن هذه الأزمة عرتهم!.

قبل فترة تكلمنا عن مكانة الجواز السعودي، وأنه يستحق أفضل من هذه المكانة، بدخول عدد أكبر مما هو عليه الآن من الدول. الآن أقولها وبكل شفافية، هذه الأزمة أثبتت مكانة الجواز السعودي الحقيقية، بل للدول الفخر أن يأتيها المواطن السعودي، والذي يطالب بفيزا مسبقة للجواز السعودي هو ساذج سياسيا، وطلباته غير منطقية! أين سيجد دولة تعتني بمواطنيها كما تفعل المملكة.