سأدخل في صلب الموضوع مباشرة. منذ بداية الأزمة ونحن متفائلون بالله أولا، ثم بثقتنا في قائدنا الذي عرفناه منذ عقود، حين كان أميرا للرياض إلى أن أصبح ملكا، «ياما جرّبنا شيخنا في الشدايد، وما وجدنا إلا الحكمة والمواقف الصلبة». مرت علينا أزمات كثيرة، من هبوط النفط إلى بضع دولارات، إلى أزمة الخليج، وطلعنا من كل أزمة أقوى من السابق، مع كامل احترامي لكل ما يقوله بعض المسؤولين عن شدة الأزمة، وبعض السيناريوهات المتشائمة. لكن، عندما يكون عندك ملك وقائد مجرّب في الأزمات الأعتى، فهذا يبعث الطمأنينة في شعبه، وإذا كان لديك تاريخ طويل، وتجارب عتيدة من النجاحات في الأزمات، وأحداث عشناها ولمسناها، إذن لن نغلب التوقعات المتشائمة على الملموس والتاريخ!.

نحن أفضل حالا من مئات الدول حول العالم، وضعُنا الاقتصادي أقوى، وحتى على صعيد التنوع، حالّنا أفضل. كانت الميزانية السعودية شبه معتمدة كليّا على النفط، لكن الآن هناك تنوع أكبر في الإيرادات!.

ففي عام 1986، وصل سعر النفط إلى حوالي 9 دولارات للبرميل -بغض النظر عن التضخم- وكان النفط يشكل وقتها حوالي 90 % من إيرادات الدولة، لكن الآن -والحمد لله- الإيرادات غير النفطية ارتفعت إلى 148 % خلال 5 سنوات، لتشكل حوالي 33 % من إيرادات الدولة!.

والدول -منذ بدء التاريخ- فيها أيام رخاء وأيام شدة والحياة تستمر، لا أرى سببا يدعو البعض إلى أن يكتئب من تصريحات غير موفقة، ما دام يعرف حنكة وحكمة قائد البلد «أبوفهد».

تذكرت في هذه الأزمة بيت شعر للملك فهد، رحمه الله.

«حنا هل العوجا ولابه مراوات

شرب المصايب مثل شرب الفناجيل»

السعودية أبلت بلاءً حسنا في هذه الأزمة، من ناحية العناية الصحية بالمواطنين، ودول الخليج من الأفضل على مستوى العالم في التعامل مع أزمة كورونا، والأعداد تشهد أننا من أقل دول العالم في الوفيات، هذا غير تطبيق مبدأ الصحة للجميع بشكل عملي، وبمنتهى الإنسانية، سواء كان سعوديا أو أي إنسان يعيش على ثرى هذا البلد الكريم.

أما وضعنا الاقتصادي، ممتاز نسبيا مقارنة ببقية العالم. خلال السنوات الماضية خطت المملكة -خلال رؤية القائد المجدد ابن سلمان- خطوات عملاقة في تنويع الاقتصاد، واسترداد الأموال المنهوبة، ووضع معايير مشددة لمكافحة الفساد، كل هذا سيساعد بشكل مؤثر في تخطي هذه الأزمة.

أزمة كورونا ستتقلص خلال أسابيع، والمؤشرات واضحة حول العالم، وكثير من الدول بدأت إجراءات تخفيف الحظر، والمؤشرات الصحية والاقتصادية في تحسن تدريجي عالميا، وإن كان بطيئا بعض الشيء.

نعم، نحب دائما الشفافية والمصارحة، لكن طريقة عرض الحقائق في بعض الأحيان هي من تحدد ردة الفعل، مع أن الأرقام والحقائق نفسها!.

يمكن قول الأشياء نفسها، لكن بطريقة أفضل وأريح للمواطن، البعض يطرح أسوأ السيناريوهات ظنّا منه أن ذلك سيهيئ الناس أكثر، لكن نحن أمة وسط، والتفاؤل طبعُنا.

للأسف، خرجت تصريحات من بعض الجهات صادمة ومتشائمة من بداية الأزمة، وإن تغاضينا عنها من باب عدم التشويش على الناس، والبعض -للأسف- ينسخ ويلصق من دول أخرى. نحن بلد له مقوماته ونقاط قوته، ونختلف عن الآخرين. نعم، الجائحة ضربت العالم، وتأثر العالم كله بها، ونحن جزء منه.

جميلة جدا الصراحة والشفافية، لكن الأجمل في بعض المسؤولين، لو عرض نقاط قوة المملكة، وعرض الصعوبات ووضع سيناريو واقعيّا معتدلا، مع ذكر السيناريو الأسوأ من باب اطلاع المواطنيين.

دائما توضع 3 سيناريوهات: أحدها متفائل، والثاني متوسط، والأخير متشائم، أما البدء بالأسوأ، مع ما في البلد من إمكانات، وما لديها من تاريخ حافل بالنجاح في تخطي الأزمات، غير موضوعي. لأكُن واقعيا، فبناء على تاريخ المملكة ومقوماتها، سنبدأ بالسيناريو المتفائل أو المتوسط، والشعب ذكيّ، وسيعرف أن هناك سيناريو متشائم أيضا، من باب العلم.

الناس في الأزمات تحتاج للطمأنينة المتزنة الواقعية، ليس هذا وقت سيناريو وردي، لكنه وقت الواقعية الوسطية، والتركيز على ما يميزنا.

التحدث للإعلام وبث الرسائل خلال الأزمات فن وعلم، ونحن مجتمع شرقي، ما يناسب الغرب، قد لا يناسبنا. كمواطن سعودي، أريد القول إني متفائل جدا، بغض النظر عن حديث بعض المسؤولين.

أولا: هذا البلد محروس ومرزوقٌ بإذن الله، وبدعوة أبينا إبراهيم.

ثانيا: عندي كامل الثقة في حكمة وتخطيط «أبوفهد» الذي نعرفه، ومن لها غيره في حل الأمور العظيمة.

ثالثا: عندي ثقة في «ابن سلمان» الذي يرى في كل أزمة فرصة.

رابعا: المؤشرات والإمكانات الاقتصادية والصحية السعودية، قوية وواضحة. خامسا: التاريخ يعلّم الدروس، ويعيد نفسه غالبا، مرت علينا أزمات كثيرة وخرجنا منها أذكى وأقوى!.