بقيت الشفافية واحترام وعي المواطن والمقيم أهم الأدوات التي ارتكزت عليها القرارات التي اتخذتها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في التعامل مع جائحة فيروس كورونا الجديد (كوفيدـ 19)، وهو ما جعل التجاوب معها جلياً وواضحاً.

على عكس شعوب عدة فقدت ثقتها بقياداتها، زادت ثقة السعوديين بقيادتهم التي تعاملت معهم بمنتهى الشفافية والوضوح والحرص على سلامتهم، ووضع النقاط على الحروف، مما جعل من كل مواطن شريكا في التطبيق والالتزام بكل قرار، ومحيطاً بكل ما يجري حوله، ومدركا لأبعاده ومبرراته، وكان آخر ملامح تلك الشفافية، هو الحديث الذي أدلى به وزير المالية محمد الجدعان، ليل السبت، وأشار فيه إلى أن المملكة ستتخذ إجراءات صارمة جداً، وأن هذه الإجراءات قد تكون مؤلمة، مضيفاً «جميع الخيارات للتعامل مع الأزمة مفتوحة حاليا، وأنه يجب أن نخفض مصروفات الميزانية بشدة».

نهج

لم يكن حديث الجدعان هو الأول الذي وضع المواطن في صورة الأحداث واستجابة الحكومة لها، ففي مارس الماضي، وجه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز كلمة لإخوانه وأخواته، وأبنائه وبناته، المواطنين والمقيمين على أرض المملكة العربية السعودية، أكد فيها أن المملكة مستمرة في اتخاذ كل الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس «كورونا»، والحد من آثارها.

قال خادم الحرمين في كلمته تلك: «إننا نعيش مرحلة صعبة في تاريخ العالم، ولكننا ندرك تماما أنها مرحلة ستمر وتمضي رغم قسوتها ومرارتها وصعوبتها، مؤمنين بقول الله، تعالى: (فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا)، وستتحول هذه الأزمة إلى تاريخ يثبت مواجهة الإنسان واحدة من الشدائد التي تمر بها البشرية.

إن بلادكم، المملكة العربية السعودية، مستمرة في اتخاذ كل الإجراءات الاحترازية لمواجهة هذه الجائحة، والحد من آثارها، مستعينة بالله، تعالى، ثم بما لديها من إمكانات، في طليعتها عزيمتكم القوية في مواجهة الشدائد بثبات المؤمنين العاملين بالأسباب.

إن ما أظهرتموه من قوة وثبات وبلاء حسن، ومواجهة مشرفة لهذه المرحلة الصعبة، وتعاونكم التام مع الأجهزة المعنية، هو أحد أهم الروافد والمرتكزات لنجاح جهود الدولة، التي تجعل المحافظة على صحة الإنسان في طليعة اهتماماتها ومقدمة أولوياتها».

أضاف مطمئنا الجميع «أؤكد لكم حرصنا الشديد على توفير ما يلزم المواطن والمقيم في هذه الأرض الطيبة من دواء وغذاء واحتياجات معيشية».

تابع «إن القطاعات الحكومية كافة وفي مقدمتها وزارة الصحة، تبذل كل إمكانياتها لاتخاذ التدابير الضرورية للمحافظة على صحة المواطن والمقيم».

ركز على أن «المرحلة المقبلة ستكون أكثر صعوبة على المستوى العالمي لمواجهة هذا الانتشار السريع لهذه الجائحة، لكنني في الوقت ذاته، أعلم أننا سنواجه المصاعب بإيماننا بالله وتوكلنا عليه، وعملنا بالأسباب، وبذلنا الغالي والنفيس للمحافظة على صحة الإنسان وسلامته، وتوفير كل أسباب العيش الكريم له، مستندين على صلابتكم وقوة عزيمتكم، وعلو إحساسكم بالمسؤولية الجماعية، أدام الله علينا توفيقه وسددنا لكل خير».

مؤتمرات الوزراء

عقب كلمة خادم الحرمين الشريفين عقد وزيرا الصحة والمالية مؤتمرا صحفيا شرحا فيه كثيرا من الخطوات والتدابير الاحترازية التي اتخذتها وستتخذها المملكة، وبيّنا المبادرات التي اتخذت وستتخذ للحفاظ على صحة الجميع على أرض هذا الوطن وعلى تجنب الآثار الاقتصادية التي يمكن أن تطالهم.

وفي إطار الشفافية تعقد اللجنة المعنية بمتابعة مستجدات كورونا اجتماعاتها اليومية التي تنتهي غالبا بمؤتمر صحفي تعلن فيه النتائج، وتوضح فيه أعداد الإصابات والحالات المتعافية والوفيات، مع تحديد مناطق الإصابات وعددها في كل مدينة أو مركز، مما يضع الجميع في صورة تطورات الحالة وينبه إلى مخاطرها.

مبادرات

مع كل المبادرات التي أطلقت لدعم معظم القطاعات وعلى الأخص القطاع الخاص، والتي بلغت نحو 180 مليار ريال، بما يعادل 8 % من الناتج المحلي غير النفطي، ومع التزام الحكومة باستدامة المالية العامة ومواجهة تداعيات كورونا، إلا أن الشفافية السعودية حتمت على وزير المالية التأكيد على أن «العالم والمملكة لن يعودا لما كانا عليه بعد كورونا لتغير الأنشطة الاقتصادية.. وأن الإيرادات انخفضت بشكل كبير سواء النفطية أو غير النفطية منذ مطلع العام، والحكومة تنظر في مجموعة كبيرة جدا من الخيارات للتعامل مع الجائحة»، مضيفا «يجب أن نشد الحزام، وسنخرج منها أقوياء».

أشار كذلك إلى أن «الحكومة تقوم باتخاذ إجراءات للحد من النفقات مع الانخفاض القوي بالإيرادات، وأن الانخفاض القوي في الإيرادات متوقع أن يستمر حتى العام المالي المقبل».

موضحاً «السعودية لم تواجه أزمة كهذه منذ عقود طويلة، لا بد من الحد من النفقات وتوجيه جزء منها للرعاية الصحية»، مضيفا «علينا أن نواجه الصدمة الكبيرة جداً في الإيرادات، ونخفِّض بشدة من مصروفات الميزانية، وننظر في قائمة النفقات، ونختار الأقل ضرراً على المواطنين».