وقالت مصادر مطلعة إن طهران بدأت تفكر جديا للمرة الأولى منذ تورطها في الحرب السورية في تخفيض عدد عناصرها وإخلاء مواقعها العسكرية في ظل القصف المستمر على مراكز وجودها، خصوصا بعدما شعر النظام السوري بأن طهران باتت تشكل عبئا ثقيلا على أمنها الداخلي.
كان المرصد السوري لحقوق الإنسان قال في أحدث تقاريره، إن قوات طيران الاحتلال الإسرائيلي استهدفت مواقع إيرانية في بادية كل من القورية والصالحية والميادين بريف دير الزور الشرقي، وسقط 14 مقاتلا تابعا لقوات إيرانية ومجموعات عراقية موالية لها، وأن العدد مرشح للارتفاع لوجود جرحى بعضهم في حالات خطرة.
35 قاعدة
ويقول تقرير لمجلة فورين بوليسي الأمريكية إن طهران تمتلك 11 قاعدة في أنحاء مختلفة من سورية، وتسع قواعد أخرى لقوات الميليشيات التابعة لها في جنوب حلب وحمص ودير الزور، بالإضافة إلى 15 قاعدة أخرى تابعة لحزب الله اللبناني، فيما تنخرط جميع هذه التشكيلات في الحرب السورية ومحاربة المتطرفين وتعزيز النفوذ العسكري الإيراني في بلاد الشام.
وتضيف المجلة أن إيران أنفقت في سورية أكثر من 30 مليار دولار وخسرت أكثر من 2000 عنصر، سواء من قوات الحرس الثوري أو الميليشيات التي جمعتها من لبنان والعراق وسورية وأفغانستان، وغيرها من التشكيلات الطائفية التي تنتشر في دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.
وتشير فورين بوليسي إلى أن أحد أهم أسباب تراجع النفوذ الإيراني في سورية بالإضافة إلى الخسائر البشرية والمادية، مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري قاسم سليماني مطلع يناير الماضي في غارة أمريكية دقيقة بمطار بغداد، بعد أن كان الرجل يشرف على خطط التمدد الإيراني في المنطقة منذ عدة سنوات.
ضغوط أمريكية
تواجه طهران منذ العملية الأمريكية ضغوطا حقيقية من الولايات المتحدة وإسرائيل لمغادرة سورية وإخلاء قواعدها بالكامل، وذلك ضمن 12 شرطا أعلنتها واشنطن مقابل بحث التوصّل إلى اتفاق جديد مع طهران، ونزع فتيل التوتر معها، فيما تؤكد تل أبيب باستمرار أنها لن تسمح بوجود عسكري دائم لطهران يهدد خاصرتها الأمنية.
غير أن المراقبين يرون أن إيران تواجه أيضا ضغوطا من حليفها السوري على الأرض، الذي يشعر بعدم ارتياح للوجود الإيراني في الأرض السورية، فضلا عن ضغوط غير مباشرة من الحليف الأكبر موسكو الذي يضمر تفاهمات مع إسرائيل يقضي بسحب الغطاء الجوي الاستخباراتي عن قواعد الحرس الثوري وميليشياتها وعدم اعتراض عمليات القصف المتكررة لإسرائيل.
وكانت مصادر إخبارية نقلت عن عسكريين إسرائيليين القول بأن تل أبيب سوف تكثف الضغط على إيران حتى خروجها من سورية تماما، وهددوا بأن الثمن الذي يدفعه الجنود الإيرانيون الذين يأتون للأراضي السورية ويعملون بها هو حياتهم، لافتين إلى أن إسرائيل لن تسمح بإقامة قاعدة إيرانية أمامية في سورية.
هذا، وتكبدت إيران خسائر فادحة في صفوف ميليشياتها في سورية خلال الأشهر الماضية، عبر عشرات الغارات الجوية التي استهدفت البنية التحتية للقوات الإيرانية ومراكز بحثية تعمل على تطوير أسلحة كيميائية، وعشرات القوافل من الأسلحة التي وصلت من العراق إلى سورية.