من المدينة المنورة التي ارتبط بها نشأة ووجدانا وفكرا، ومن على مقربة من باب السلام الذي تناوله في أحد مؤلفاته، شيّع المصلون، أمس، الأديب الراحل عاصم حمدان (70عاما)، بعد أن أديت عليه الصلاة في المسجد النبوي الشريف عقب صلاة الظهر.

أديت الصلاة على الراحل في «الحرم»، المكان الذي كان يحضر إليه طفلا في «فسحة المدرسة» ليشاهد بشغف شيخ المؤذنين «محمد النعمان» وهو يؤقت لمواعيد الآذان، ومن هناك حُمل على الأكتاف صوب مقبرة بقيع الغرقد، المقبرة التي بعث لها هتافا قبل نحو 21 عاما في كتابه «هتاف باب السلام»، وأتبع الهتاف وصية أوصى بها نجله «أحمد» أن تكون زهرة المدائن (المدينة المنورة) نهاية الرحلة.

ذكريات النشأة

قبيل سنوات من رحيله، قال عاصم حمدان عن نشأته في المدينة المنورة: «نشأت في المدينة المنورة بحي السيح الذي يعد جزءا من حي العنبرية، وكان «الدار» يطل على مجرى سيل أبو جيدة نسبة إلى أسرة أبي جيدة، وما زلت أتذكر مكائن رفع الماء من الآبار ويصل صوتها إلى مسمعي، وهدير الماء من سيل جيدة.. ومشاهد الحرم وصوت المؤذن «حسين بخاري» وهو يرفع الآذان بصوته الشجي العذب، وأتذكر جيدا في رحلتي من السيح إلى الحرم وهو يصعد المنارة الرئيسة، وكان حينها الحجاج يقفون عند باب المنارة ينتظرون بخاري وهو يصدح بصوته، وكيف كان الحجاج يبكون من عذب صوته». يضيف عن ذكريات التعليم «مدرسة دار الأيتام أهي أول مدرسة أُنشئت في المدينة، وكان لها دور كبير في تعليم أبناء المدينة، إلى أن تأسست مدرسة العلوم الشرعية عام 1340هـ، والتي جاء إنشاؤها لتسد مسد مدرسة الفلاح التي لم يكتب لها أن تنشأ في المدينة، والتحقت بها في أواخر السبعينيات الهجرية، وكانت المدرسة تضم شعبة للتعليم النظامي وقسما للصناعات والحرف اليدوية وقسما للتعليم العالي، وتخرج منها جيل من الأدباء أمثال محمد عمر توفيق وعبدالمجيد حسن وعبدالعزيز الربيع وعبدالفتاح أبو مدين، وكان من الشخصيات العلمية التي حملت لواء التعليم فيها الشيخ عبدالقدوس الأنصاري».

البيئة الحاضنة

شكلت المدينة المنورة بيئة حاضنة أسهمت في تشكيل شخصية الراحل حمادن، وعنها قال: «بيئة المدينة المنورة صهرت كل الأجناس والأعراق والثقافات، حتى عند اندلاع الثورة الجزائرية جاء إليها كثير من أبناء الجزائر، ودرسوا في مدرسة العلوم الشرعية ثم عادوا إلى بلدهم بعد أن تأهلوا تأهيلا علميا». يستذكر الراحل قصة خروجه في الفسحة الكبيرة من المدرسة متجها إلى الحرم، بالقول «كنت أخرج من المدرسة في الفسحة الكبيرة، وكان هناك مكان مخصص للمؤذنين، ومما أثار فضولي وقتها وجود «أصطبة» خاصة بتحديد مواقيت الآذان، وكان شيخ المؤذنين حينها «محمد النعمان» قبل الزوال يقيس وقت الآذان بالطريقة التقليدية آنذاك، وعلى قياسه يسير المؤذنون في رفع الأذان».

قصة اللقب

لم يكن الراحل حريصا على ربط اسمه بالقبيلة، ولذلك عرفه الناس بـ»عاصم حمدان بن علي» وعن ذلك قال «تعلمت في مجالس والدي أنه لا فرق بين بادية وحاضرة، ولا بين أبيض وأسود، ولا بين العامي والمثقف، ويكفيني انتمائي إلى وطني الكبير، ولقد حفظت عن والدي هذا البيت ودوما ما كان يردده على مسمعي بالرغم من قلة ثقافته:

كُن اِبنَ مَن شِئتَ واِكتَسِب أَدَباً يُغنيكَ مَحمُودُهُ عَنِ النَسَبِ

النتاج الأدبي للراحل

-المدينة المنورة بين الأدب والتاريخ

1411

-حارة الأغوات

1413

-ذكريات من الحصوة

1419

-قديم الأدب وحديثه في بيئة المدينة

1430

-صفحات من تاريخ الإبداع الأدبي للمدينة

1422

-هتاف من باب السلام

1421

-حارة المناخة

1414

-رحلة شوق في دروب العنبرية

1425

-الإخبارية الغريبة فيما وقع بطيبة (تحقيق)

تكريم الراحل

-حصل على جائزة علي وعثمان حافظ لأفضل كاتب عمود صحفي عام 1996.

-كرمه نادي المدينة الأدبي عام 2000.

-كرمته إثنينية عبدالمقصود خوجة عام 2004.

-كرمه أمير منطقة المدينة المنورة «السابق» الأمير عبدالعزيز بن ماجد في ملتقى العقيق الثقافي في نسخته الرابعة عام 2010.

-كرمته جامعة الملك عبدالعزيز في جدة عام 2019.